الرَّابِع: أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى نَقْص الْأَجْر فِي حَقّ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِد وَرَجَعَ وَلَمْ يُشَيِّعهَا إِلَى الْمَقْبَرَة لِمَا فَاتَهُ مِنْ تَشْيِيعه إِلَى الْمَقْبَرَة وَحُضُور دَفْنه. وَاللَّهُ أَعْلَم .... (شرح مسلم للنووي).
وقال الخطابي: صالح مولى التوأمة ضعفوه وكان قد نسي حديثه في آخر عمره، وقد ثبت أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما صُلي عليهما في المسجد، ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار شهدوا الصلاة عليهما، ففي تركهم إنكاره دليل على جوازه. (انتهى)
وكان ممن ضعفه من العلماء: الإمام أحمد - كما في مسائل ابنه عبد الله، وابن المنذر في (الأوسط)، والخطابي في (معالم السنن)، والبيهقي كما في (سننه)، وابن حزم في (المحلى)، وابن الجوزي في (العلل المتناهية).
• ماذا نستفيد من إنكار الصحابة على عائشة؟
نستفيد: أن هذا الفعل (وهو الصلاة على الجنازة في المسجد) لم يكن معروفاً على الدوام، ولو كان معروفاً ما أنكر الصحابة على عائشة.
ولذلك قال ابن القيم: ولم يكن من هديه الراتب الصلاة عليه في المسجد، وإنما كان يصلي على الجنازة خارج المسجد، وربما كان يصلي أحياناً على الميت في المسجد كما صلى على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد، ولكن لم يكن ذلك سنته وعادته.
• ماذا نستفيد من فعل عائشة وطلبها الصلاة على جنازة سعد؟
نستفيد: جواز صلاة النساء على الجنازة في المسجد مع الرجال أو منفردات.
فالأصل في العبادات التي شرعها الله في كتابه أو بينها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته أنها عامة للذكور والإناث، حتى يدل دليل على التخصيص بالذكور أو الإناث، وصلاة الجنازة من العبادات التي شرعها الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فيعم الخطاب الرجال والنساء، إلا أن الغالب أن الذي يباشر ذلك الرجال لكثرة ملازمة النساء لبيوتهن، ولذلك إذا صادف أنه لم يحضر الجنازة إلا نساء صلين عليها، وقمن بالواجب نحوها.
وقد ثبت أن عائشة رضي الله عنها أمرت أن يؤتى بسعد بن أبي وقاص لتصلي عليه، ولم نعلم أن أحداً من الصحابة أنكر عليها، فدل ذلك على أن المرأة تشارك الرجال في الصلاة على الجنازة.
وتكون صفوفهن خلف صفوف الرجال، وثبت أيضا أنهن صلين على النبي -صلى الله عليه وسلم- كما صلى عليه الرجال، لكنهن لا يشيعن الجنائز للدفن لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: الصلاة على الجنازة مشروعة للرجال والنساء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيرا، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل يا رسول الله، وما القيراطان؟ قال: (مثل الجبلين العظيمين) يعني من الأجر، متفق على صحته، لكن ليس للنساء اتباع الجنائز إلى المقبرة، لأنهن منهيات عن ذلك، لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها قالت (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) رواه مسلم، أما الصلاة على الميت فلم تنه عنها المرأة سواء كانت الصلاة عليه في المسجد أو في البيت أو في المصلى، وكان النساء يصلين على الجنائز في مسجده -صلى الله عليه وسلم- مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعده.