٥٣١ - وَعَنْ بُرَيْدَةَ -رضي الله عنه- عَنِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (اَلْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ) رَوَاهُ اَلثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
===
(بِعَرَقِ) العرق هو الماء الذي يخرج من الجسد عند المشقة أو عند الحرارة.
(الْجَبِينِ) هو جانب الجبهة، ما بين الجبهة وبين الأذن.
• ما صحة حديث الباب؟
الحديث جاء من طريق قتادة عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقد قال بعض العلماء أن قتادة لم يسمع من ابن بريدة، قال ذلك البخاري وغيره.
لكن ابن بريدة توبع، فقد تابعه كَهْمَس عند النسائي، فقد روى الحديث النسائي من طريق كهمس عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا سند صحيح متصل.
• اذكر أقوال العلماء في معنى الحديث؟
قيل: إن المؤمن يموت بعرق الجبين بما يكابده من المشاق بطلب المال الحلال، فإن طلب المال الحلال لا بد له من تعب ومشقة.
وقيل: من الحياء، وذلك لأن المؤمن إذا جاءته البشرى مع ما كان قد اقترف من الذنوب حصل له بذلك خجل واستحياء من الله تعالى فعرق لذلك جبينه.
وقيل: إن المؤمن يشدد عليه في النزع، وسكرات الموت تمحيصاً لذنوبه.
وهذا التفسير أقرب للصواب، وذلك لأمور:
أولاً: أن شدة النزع أمر ثابت لا إشكال فيه، وقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة قالت (لما نزل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- طفق يطرخ الخميصة عل وجهه، فإذا اغتم كشفها) وفي رواية قال (إن للموت لسكرات).
ثانياً: جاء عند أحمد عن بريدة (أنه كان في خراسان، فعاد أخاً له وهو مريض، فوجده بالموت، وإذا هو يعرق جبينه، فقال: الله أكبر، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: موت المؤمن بعرق الجبين)، فهذا يؤيد المعنى الثاني.
• اذكر بعض علامات حسن الخاتمة؟
ذكر الألباني أن موت المؤمن بعرق الجبين من علامات حسن الخاتمة، ومن علامات حسن الخاتمة:
أولاً: نطقه بالشهادة عند الموت.
كما قال -صلى الله عليه وسلم- (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) رواه الحاكم.
ثانياً: الموت بعرق الجبين.
كما في حديث الباب.
ثالثاً: الموت ليلة الجمعة أو نهارها.
لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر). رواه أحمد [وهو مختلف فيه]
رابعاً: الموت على عمل صالح.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (من قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة، ومن صام يوماً ابتغاء وجه الله خُتم له بها دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة) رواه أحمد.
فائدة:
قال القرطبي: لتشديد الموت على الأنبياء فائدتان:
أحدها: تكميل فضائلهم ورفع درجاتهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً، بل هو كما جاء في الحديث: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.
والثانية: أن تعرف الخلق مقدار ألم الموت، وأنه باطن.
قد يطلع الإنسان على بعض الموتى فلا يرى عليه حركة ولا قلقاً، ويرى سهولة خروج روحه، فيظن سهولة أمر الموت ولا يعرف ما الميت فيه، فلما ذكر الأنبياء الصادقون في خبرهم شدة ألمه مع كرامتهم على الله تعالى قطع الخلق بشدة الموت الذي يقاسيه الميت مطلقاً لأخبار الصادقين عنه ما خلا الشهيد في سبيل الله.