١٣٦٤ - وَعَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتُ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَائْتِ اَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ (فَائِت اَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ).
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ (فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ اِئْتِ اَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ) وَإِسْنَادُهَا صَحِيحٌ.
===
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد استحباب الحنث في اليمين والتكفير عنه إذا كان الحنث خيراً من التمادي، وهذا متفق عليه بين العلماء.
قال النووي: فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث: دَلَالَة عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْل شَيْء أَوْ تَرْكه، وَكَانَ الْحِنْث خَيْرًا مِنْ التَّمَادِي عَلَى الْيَمِين، اُسْتُحِبَّ لَهُ الْحِنْث، وَتَلْزَمهُ الْكَفَّارَة وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ. (شرح مسلم)
والخيرية في الحنث تارة تكون واجبة، وتارة تكون مستحبة، فإن كانت خيرية واجبة كان الحنث واجباً، وإن كانت خيرية تطوع صار الحنث تطوعاً.
مثال:
قال: والله لا أصلي اليوم، فهذا حلف على ترك واجب، فالحنث واجب.
قال: والله ما أوتر، هنا الأفضل أن يحنث، فنقول أوتر وكفر عن يمينك.
• ما حكم التكفير قبل الحنث؟
الكفارة لها ثلاث حالات:
أولاً: أن تكون قبل اليمين، فهذه لا تجزئ بالإجماع.
قال النووي: وأجمعوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز تَقْدِيمهَا عَلَى الْيَمِين.
وقال ابن قدامة: فَأَمَّا التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْيَمِينِ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لِلْحُكْمِ قَبْلَ سَبَبِهِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ، وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ قَبْلَ الْجَرْحِ.
جاء في (الموسوعة الفقهية) لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز التكفير قبل اليمين؛ لأنه تقديم الحكم قبل سببه، كتقديم الزكاة قبل ملك النصاب، وكتقديم الصلاة قبل دخول وقتها.
ثانياً: أن تكون بعد الحلف والحنث، فهذه تجزئ اتفاقاً.
ثالثاً: أن تكون بعد الحلف وقبل الحنث.
فهذه موضع خلاف، وجماهير العلماء على جواز ذلك.