لأن الخلع لا يكون إلا بطلب من المرأة لما يلحقها من سوء عشرة زوجها، فجاز وقوعه حال الحيض لإزالة الضرر.
قال ابن قدامة: ولا بأس بالخلع في الحيض والطهر الذي أصابها فيه; لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه، وذلك أعظم من ضرر طول العدة، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما، ولذلك لم يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- المختلعة عن حالها، ولأن ضرر تطويل العدة عليها، والخلع يحصل بسؤالها، فيكون ذلك رضاء منها به، ودليلاً على رجحان مصلحتها فيه. (المغني).
وقال البغوي في تفسيره: والخلع في حال الحيض، أو في طهر جامعها فيه: لا يكون بدعياً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن لثابت بن قيس في مخالعة زوجته من غير أن يعرف حالها، ولولا جوازه في جميع الأحوال لأشبه أن يتعرف الحال.
وقال ابن تيمية: ولهذا جوز أكثر العلماء الخلع في الحيض، لأنه على قول فقهاء الحديث ليس بطلاق، بل فرقة بائنة.
وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: واعلم أن الخلع ليس له بدعة، بمعنى أنه يجوز حتى في حال الحيض لأنه ليس بطلاق، والله إنما أمر بالطلاق للعدة: إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ الطلاق) ولهذا يجوز أن يخالعها ولو كانت حائضاً، ويجوز أن يخالعها ولو كان قد جامعها في الحال، لأنه ليس بطلاق، بل هو فداء، ولأن أصل منع الزوج من التطليق في حال الحيض، أو في حال الطهر الذي جامعها فيه، أن فيه إضراراً بها لتطويل العدة عليها، فإذا رضيت بذلك فقد أسقطت حقها. انتهى.
وجاء في " الموسوعة الفقهية"(٨/ ٣٢٦) ذهب جمهور الفقهاء - الحنفية والشافعية والحنابلة - إلى جواز الخلع في زمن الحيض لإطلاق قوله تعالى:(فلا جناح عليهما فيما افتدت به) ولحاجتها إلى الخلاص بالمفارقة حيث افتدت بالمال.
وذهب المالكية في المشهور عندهم إلى منع الخلع في الحيض.
إذا تقرر جواز الخلع حال الحيض، لم تخرج المختلعة من عدتها بطهرها من الحيضة التي وقع الخلع في أثنائها، بل لا بد من أن تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر وتغتسل وبذلك تنقضي عدتها؛ لأن الحيضة التي وقع الخلع فيها حيضة غير كاملة، والعدة إنما يكون بحيضة كاملة.
قال ابن قدامة: الحيضة التي تطلق فيها، لا تحسب من عدتها، بغير خلاف بين أهل العلم; لأن الله تعالى أمر بثلاثة قروء، فتناول ثلاثة كاملة، والتي طلق فيها لم يبق منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كاملة، فلا يعتد بها. (المغني) .... والله أعلم