• ماذا أجاب الجمهور عن أحاديث الباب التي فيها يقطع الصلاة؟
وأجاب من يقول بعدم القطع (وهم الجمهور) عن أحاديث القطع بأجوبة:
أ- قالوا إن المراد بالقطع نقص الصلاة.
قال النووي: وتأول هؤلاء حديث القطع على أن المراد به ينقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالها. (شرح مسلم).
ب- أنه منسوخ.
قال النووي: وأما الجواب عن الأحاديث الصحيحة التي احتجوا بها فمن وجهين:
أصحهما وأحسنهما ما أجاب به الشافعي والخطابي والمحققون من الفقهاء والمحدثين: أن المراد بالقطع القطع عن الخشوع والذكر للشغل بها والالتفات إليها، لا أنها تفسد الصلاة، فهذا الجواب هو الذي نعتمده، وأما ما يدعيه أصحابنا وغيرهم من النسخ فليس بمقبول، إذ لا دليل عليه، ولا يلزم من كون حديث ابن عباس في حجة الوداع وهى في آخر الأمر أن يكون ناسخاً، إذ يمكن كون أحاديث القطع بعده، وقد علم وتقرر في الأصول، أن مثل هذا لا يكون ناسخاً مع أنه لو احتمل النسخ لكان الجمع بين الأحاديث مقدماً عليه، إذ ليس فيه رد شيء منها، وهذه أيضاً قاعدة معروفة. (المجموع).
• ما الجواب عن أدلة القول الثاني (وهم الجمهور)؟
أما حديث أبي سعيد (لا يقطع الصلاة شيء) فحديث ضعيف فلا حجة فيه.
ضعفه ابن حزم في المحلي، وقال النووي: هو ضعيف، وضعفه ابن قدامة في المغني، وابن حجر.
ولو صح فهو عام مخصوص بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قطع المرأة والحمار والكلب الأسود، فتخص هذه الثلاثة من عموم هذا الحديث.
وأما حديث الفضيل ابن عباس (زار النبي -صلى الله عليه وسلم- عباساً … ) فحديث ضعيف، فقد ضعفه ابن حزم في المحلى، ثم لم يبين لون هذه الكليبة، فقد يكون لونها ليس أسود، ولا يقطع الصلاة من الكلاب إلا الأسود.
وأما حديث عائشة، فهذا ليس بمرور، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول إذا مرّ، وفرق بين المرور والاضطجاع.
قال ابن القيم: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وعائشة نائمة في قبلته، وكأن ذلك ليس كالمار، فإن الرجل محرّم عليه المرور بين يدي المصلي ولا يكره له أن يكون لابثاً بين يديه، وهكذا المرأة يقطع مرورها الصلاة دون لبثها.
وأما حديث ابن عباس (قَال (أَقْبَلْتُ رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ … ) فهو غير صريح في المسألة، فلا حجة فيه، إذ ليس فيه إلا أن الحمار مرّ بين يدي بعض الصف، وهذا لا يؤثر، إذ سترة الإمام سترة لمن خلفه.