القول الثاني: أنه لا يقطع الصلاة شيء.
وهذا مذهب جماهير العلماء.
قال النووي: وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجمهور العلماء من السلف والخلف، لا تبطل الصلاة بمرور شيء من هؤلاء ولا من غيرهم.
أ-لحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا يقطع الصلاة شيء) رواه أبو داود وهو ضعيف.
ب- لحديث الفضيل بن عباس قال (زار النبي -صلى الله عليه وسلم- عباساً في بادية لنا، ولنا كلبة وحمار يرعى، فصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- العصر، وهما بين يديه، فلم يؤخرا ولم يزجرا) رواه أبو داود، وهو ضعيف.
ج- ولحديث عائشة قالت (كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني) رواه مسلم.
د- ولحديث ابْنِ عَبَّاس. قَال (أَقْبَلْتُ رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلَامَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى بِالنَّاسِ بِمِنًى إلى غَيرِ جِدار، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَىَّ أَحَد) متفق عليه.
القول الثالث: أنه يقطع الصلاة الكلب الأسود خاصة.
وهذا قول أحمد وإسحاق.
وحجة هذا القول: أن الكلب لم يجيء في الترخيص فيه شيء يعارض الأحاديث المذكورة وهي حديث أبي ذر وأبي هريرة.
وأما المرأة فقد ورد عن عائشة أنها قالت (شبهتمونا بالكلاب والحمير).
وقالت (كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني).
وأما الحمار فقد ورد فيه حديث ابن عباس قَالَ (أَقْبَلْتُ رَاكِباً عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إلَى غَيْرِ جِدَارٍ. مَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ، فَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ. وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ) متفق عليه.
والراجح القول الأول، وأنه يقطع الصلاة هذه الأشياء الثلاثة المذكورة بالحديث.
قال ابن القيم: … فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُتْرَةٌ فَإِنّهُ صَحّ عَنْهُ أَنّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ " الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ ". وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبّاسٍ وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ مُغَفّلٍ. وَمُعَارِضُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ قِسْمَانِ صَحِيحٌ غَيْرُ صَرِيحٍ وَصَرِيحٌ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَا يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِهَا لِمُعَارِضٍ هَذَا شَأْنُهُ.