• ما حكم الموالاة في الوضوء؟
أولاً: لا خلاف بين الفقهاء أن التأخير اليسير لا يؤثر في صحة الوضوء مطلقاً.
كما لو غسل إحدى رجليه في مكان وانتقل إلى مكان قريب فغسل الأخرى، لأنه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه توضأ وعليه جبة شامية ضيقة الكُم، فترك وضوءه وأخرج يديه من كميه من تحت ذيلها وغسل يديه.
ولأنه يشق الاحتراز منه.
ثانياً: لا خلاف بينهم - أيضاً - أن الإتيان بالوضوء على الموالاة مشروع وسنة يستحب فعلها.
ثالثاً: اختلف العلماء هل الموالاة واجبة أم لا؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنها واجبة، فمن تركها لزمه إعادة وضوئه.
وهذا مذهب الحنابلة.
أ-لحديث الباب، في قوله -صلى الله عليه وسلم- (اِرْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ).
ب-ولحديث عمر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبصر رجلاً توضأ وعلى ظهر قدمه مثل الظفر لم يصبها الماء، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ارجع فأحسن وضوءك، فرجع فتوضأ ثم صلى). رواه مسلم
قال القاضي عياض: في هذا الحديث دليل على وجوب الموالاة في الوضوء لقوله -صلى الله عليه وسلم-[أحسن وضوءك] ولم يقل: اغسل ذلك الموضع الذي تركته.
ج-وعن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يعيد الوضوء) رواه أبو داود وهو حديث مختلف في صحته
وجه الدلالة ظاهر، إذ لو لم تكن الموالاة واجبة لأمره بغسل اللمعة فقط دون إعادة الوضوء.
د- فعله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يتوضأ إلا مرتباً متوالياً.
هـ- ولأن الوضوء عبادة واحدة، فلا يُبنى بعضها على بعض مع تفرق أجزائها، بل يجب أن يكون بعضها متصلاً ببعض.
القول الثاني: أنها سنة غير واجبة.
وهذا مذهب الحنفية والشافعية.
لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ … ) فالله أمر بتطهير هذه الأعضاء من غير اشتراط الموالاة في الغَسْل بينها، فكيفما حصل الغسل أجزأ.
القول الثالث: أنها واجبة وتسقط مع العذر.
وهذا مذهب المالكية، واختاره ابن تيمية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢١/ ١٣٥):
قلت: هذا القول الثالث هو الأظهر والأشبه بأصول الشريعة، وذلك أن أدلة الوجوب لا تتناول إلا المفرط، لا تتناول العاجز عن الموالاة، والحديث الذي هو عمدة المسألة الذي رواه أبو داود وغيره المأمور بالإعادة مفرط، لأنه كان قادراً على غسل تلك اللمعة، كما هو قادر على غسل غيرها.
وهذا القول الثالث هو القول الصحيح.