قال ابن المنذر: لا أعلم أحداً خالف في ذلك.
وقال ابن قدامة: فأما ما فوق الموضحة، فلا نعلم أحداً أوجب فيها القصاص، إلا ما روي عن ابن الزبير أنه أقاد من المنقلة، وليس بثابت عنه. (المغني).
وإنما امتنع القصاص فيما فوق الموضحة، لأنها لا نؤمن معها الزيادة، أو لا يؤمن معها من هلاك الجاني.
وقد ورد عن العباس -رضي الله عنه- مرفوعًا (لا قود في المأمومة، ولا في الجائفة، ولا في المنقلة) وهو حديث ضعيف لا يثبت.
ثانياً: واتفقوا على وجوب القصاص في الموضحة.
أ- لحديث الباب.
ب- ولقوله تعالى (والجروح قصاص).
ج- ولأنه يتيسر ضبطها واستيفاء مثلها، إذ يمكن أن ينهي السكين إلى العظم فتتحقق المساواة.
ثالثاً: واختلفوا فيما دون الموضحة: فذهب الحنفية والمالكية - وهو رواية عند الشافعية - إلى أن فيها القصاص.
وذهب الشافعية - في المذهب - والحنابلة إلى عدم القصاص فيما دون الموضحة.
قالوا: لأنها جراحات لا تنهي إلى عظم.
ولأنه لا يؤمن فيها الزيادة.
قال في زاد المستقنع: الشَّجَّةُ: الْجُرْحُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ خَاصَّةً، وَهِيَ عَشْرٌ: الْحَارِصَةُ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ، أَيْ: تَشُقُّهُ قَليلاً وَلَا تُدْمِيهِ، ثُمَّ الْبَازِلَةُ الدَّامِيَةُ الدَّامِعَةُ وَهِيَ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ، ثُمَّ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ، ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الْغَائِصَةُ فِي اللَّحْمِ، ثُمَّ السِّمْحَاقُ وَهِيَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ، فَهذِهِ الْخَمْسُ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا، بَلْ حُكُومَةٌ.
قال الشيخ ابن عثيمين: أي ليس فيها شيء مقدر من الدية، بل فيها حكومة، فإذا طالب المجني عليه بدية، فليس له إلا حكومة.
والحكومة: أن نقدر هذا الذي جُني عليه كأنه عبد لا جناية به، ثم نقدره كأنه عبد بريء منها، فما بين القيمتين له مثل نسبته من الدية.
فإذ قدّرنا أن قيمته عشرة آلاف ريال لو كان عبداً بدون جناية، وهو بالجناية وقد برئت يساوي تسعة آلاف وخمسمائة، فديته نصف العشر ـ أي: خمس من الإبل ـ فيكون في الجناية خمس من الإبل.
• ما الحكم إذا كانت الشجة فوق الموضحة وأحب أن يقتص موضحة؟
اختلف العلماء في ذلك.
فذهب الشافعية، والحنابلة، إلى جواز ذلك.
لأنه يقتصر على بعض حقه، ويقتص من محل جنايته.
• وهل له أرش ما زاد على الموضحة؟
فيه قولان:
قيل: له الأرش.
وذهب إليه الشافعية.
وقيل: ليس له ذلك.
والله أعلم.