ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك)؟
أي: من حفظ حدود الله وراعى حقوقه، وجد الله معه في جميع الأحوال، يحوطه وينصره ويحفظه ويوفقه ويؤيده ويسدده، فإنه قائم على كل نفس بما كسبت، وهو تعالى مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
كتب بعض السلف إلى أخ له: أما بعد، فإن كان الله معك فمن تخاف؟ وإن كان عليك فمن ترجو؟ والسلام.
ماذا نستفيد من قوله -صلى الله عليه وسلم- (إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ)؟
نستفيد أنه يجب على العبد أن يسأل ربه دون المخلوقين.
وقد أمر الله بسؤاله فقال (واسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ).
وفي الترمذي عن أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (من لم يسأل الله يغضب عليه).
واستحق الغضب لأمرين:
الأول: لأنه ترك محبوباً لله، فإن الله يحب أن يسأل، ذكر ذلك المناوي.
والثاني: لأن ترْك الدعاء دليل على الاستغناء عن الله، ذكر ذلك المباركفوي.
وفي النهي عن سؤال المخلوق أحاديث كثيرة أيضاً.
وقد بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- جماعة من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئاً منهم: أبو بكر، وأبو ذر، وثوبان، وكان أحدهم يسقط سوطه أو خطام ناقته فلا يسأل أحداً أن يناوله.
[لماذا سؤال الله دون خلقه هو المتعين؟]
واعلم أن سؤال الله تعالى دون خلقه هو المتعين عقلاً وشرعاً وذلك من وجوه متعددة:
منها: أن السؤال فيه بذل لماء الوجه وذلة للسائل، وذلك لا يصلح إلا لله وحده، وهذا هو حقيقة العبادة التي يختص بها الإله الحق.
كان الإمام أحمد يقول في دعائه: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن المسألة لغيرك.
ولهذا كان عقوبة من أكثر المسألة بغير حاجة أن يأتي يوم القيامة وليس على وجهه مزعة لحم كما ثبت في الصحيحين، لأنه أذهب عز وجهه وصيانته وماءه في الدنيا، فأذهب الله من وجهه في الآخرة جماله وبهاءه الحسي، فيصير عظماً بغير لحم، ويذهب جماله وبهاؤه المعنوي، فلا يبقى له عند الله وجاهة.