١٣٣٦ - وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ -رضي الله عنه- عَنِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (إِذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ، فَغَابَ عَنْكَ، فَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْهُ، مَا لَمْ يُنْتِنْ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
===
(مَا لَمْ يُنْتِنْ) بضم الياء، وفتحها، وكسر التاء، من أنتن الرباعي، ومعناه: ما لم تتغير رائحته، وتخبث.
جاء في رواية (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فِي الَّذِي يُدْرِكُ صَيْدَهُ، بَعْدَ ثَلَاثٍ: فَلْيَأْكُلْهُ إِلاَّ أَنْ يُنْتِن).
• ماذا نستفيد من حديث الباب؟
نستفيد أن الصيد إذا غاب ثم وجده الصائد فإنه يحل أكله إلا إذا أنتن.
قال في الفتح: وهذا الحديث صريح فِي كون الصيد حلالاً، وإن غاب أكثر منْ ثلاثة أيّام، إذا لم ينتن، حيث جَعَلَ الغَايَة أتى يُنْتِن الصَّيد، فَلَوْ وَجَدَهُ مَثَلاً بَعد ثَلاث، وَلَمْ يُنْتِن حَلَّ، وَإِنْ وَجَدَهُ بدونَهَا وَقد أَنْتَنَ فَلا، هَذَا ظَاهِر الْحَدِيث. وَأَجَابَ النَّوَوِي بأَنَّ النَّهْي عَنْ أَكْله إِذَا أَنْتَنَ لِلتَّنْزِيهِ، إلا إن خيف منه الضرر، فيحرم، وهذا مذهب الشافعيّة، وأما المالكية، فحملوا النهي عَلَى التحريم مطلقًا، قَالَ فِي "الفتح": وهو الظاهر.
واستدلّ منْ حمل النهي عَلَى التنزيه بقصّة الحوت الذي أكل منه الجيش مع أبي عبيدة رضي الله تعالى عنه نصف شهر.
ووجهه أنهم أكلوا منْ لحم الحوت نصف شهر، وأكل منه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك، واللحم لا يبقى غالباً بلا نتن فِي تلك المدة، لاسيما فِي الحجاز، مع شدّة الحرّ.
لكن يحتمل -كما قَالَ فِي "الفتح"- أن يكونوا ملّحوه، وقدّدوه، فلم يدخله نتن، وبهذا لا يتمّ الاستدلال به عَلَى صرف النهي عن التحريم إلى التنزيه.