القول الثاني: أنه لا زكاة فيه.
وبه قال ابن عمر، وجابر، وأنس، وابن مسعود، وأسماء، وعمرة بنت عبد الرحمن، والحسن البصري، وطاووس، والشعبي، وابن المسيب.
وهو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد.
أ-لحديث أبي هريرة في قوله -صلى الله عليه وسلم- (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة).
قال النووي: هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها.
ب-حديث جابر -رضي الله عنه- في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس في الحلي زكاة) رواه البيهقي.
وهذا مختلف فيه: فقد ذكر الشيخ البسام: أنه صححه: أبو زرعة، وابن الجوزي، والمنذري، وابن دقيق العيد.
وضعفه: البيهقي، وقال: باطل لا أصل له، وضعفه الألباني.
ج- قوله -صلى الله عليه وسلم- للنساء (تصدقن ولو من حليكن) متفق عليه.
وجه الدلالة: فيه دلالة على أنه لا زكاة في الحلي، لأنه لو كانت الصدقة فيه واجبة، لما ضرب به المثل في صدقة التطوع.
د-أن الصحابة كانت لهم أموال من الحلية ما هو معروف ولم يثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالزكاة في ذلك.
هـ-وروي هذا القول عن جمع من الصحابة.
فقد جاء عن جابر (أنه سئل: أفي الحلي زكاة؟ قال: لا، قيل: وإن بلغ عشرة آلاف؟ قال: كثير) أخرجه عبد الرزاق.
وعن نافع (أن ابن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج من حليهن الزكاة) أخرجه مالك، قال الشنقيطي: هذا الإسناد في غاية الصحة.
وعن أنس (أنه سئل عن الحلي؟ فقال: ليس فيه زكاة) أخرجه البيهقي.
و- أن الزكاة إنما تجب في المال المعد للنماء، والحلي ليس معداً لذلك، لأنه خرج عن النماء بصناعته حلياً يلبس ويستعمل وينتفع به، والمرأة إنما تملكه بقصد الانتفاع الشخصي والتزين والتجمل، لا بنية النماء والاستثمار.
• بماذا أجاب هؤلاء عن أدلة القول الأول؟
أجابوا:
أ-قالوا: إن الآية والحديث، هذه عمومات، ولهذا العموم أدلة تخصص معناه وتقيد اطلاقه.
ب- أما الأحاديث التي فيها الأمر بإخراج الزكاة (كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وغيره) ففيها ضعف
قال الترمذي: ليس يصح في هذا الباب شيء، ورجح النسائي إرسال حديث عمرو بن شعيب.
قال ابن عبد البر: لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء في الذهب.