٣٩٩ - وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ اَلْأَسْوَدِ -رضي الله عنه- (أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلَاةَ اَلصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا، فَدَعَا بِهِمَا، فَجِيءَ بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا: "مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ " قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. قَالَ: "فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمْ، ثُمَّ أَدْرَكْتُمْ اَلْإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ، فَصَلِّيَا مَعَهُ، فَإِنَّهَا لَكُمْ نَافِلَةٌ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّان.
===
(تَرْعَدُ) أي ترتجف وترتعد.
(فَرَائِصُهُمَا) الفرائص جمع فريضة، وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف، تهتز عند الفزع والخوف.
(فِي رِحَالِنَا) الرحل هو المنزل الذي ينزله الإنسان.
(فَلَا تَفْعَلَا) أي: لا تفعلا في الجلوس خلف الصفوف، هذا التفسير هو ظاهر الحديث، وقيل: لا تفعلا: أي الصلاة في الرحال.
(ولم يصلّ) أي لم ينتهي من الصلاة.
• ما صحة حديث الباب؟
الحديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم.
• ما حكم من صلى في جماعة أو منفرداً ثم دخل مسجداً ووجدهم يصلون؟
الحديث دليل على أن من صلى في جماعة أو منفرداً، ثم دخل مسجد ووجدهم يصلون، فإنه يسن له أن يدخل معهم ويصلي، ويدل لذلك:
ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لأبي ذر حين أخبره عن الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال له (صلّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتك الصلاة معهم فصلّ ولا تقل إني صليت فلا أصلي) رواه مسلم.
والأمر في الحديث للاستحباب.
وذهب بعض العلماء إلى أن من صلى في بيته وحده ثم دخل المسجد فأقيمت تلك الصلاة يصليها معهم، ولا يخرج حتى يصلي، وأما من صلى جماعة فلا يعيد ورجح هذا القول ابن عبد البر وقال: وممن قال بهذا القول مالك بن أنس، وأبو حنيفة، والشافعي وأصحابهم.
قال ابن عبد البر: وقد علمنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما أمر الذي صلى في أهله وحده أن يعيد في جماعة من أجل فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، ليتلافى ما فاته من فضل الجماعة، إذا كان قد صلى منفرداً، والمصلي في جماعة قد حصل له الفرض والفضل، فلم يكن لإعادته الصلاة وجه.
والراجح القول الأول، وأنه يعيد سواء صلى وحده أو مع الجماعة عملاً بظاهر النص.
لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، فإنه -صلى الله عليه وسلم- ما استفصل.