• ما معنى (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اَللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اَللَّه لأبره)؟
قيل: المعنى: أنه لو حلف على شيء أن يقع؛ ثقة بالله وحسن ظن به لأبره الله، وقيل: معنى القسم في الحديث: الدعاء.
قال النووي رحمه الله (لوْ أقسم على الله لأبره) أي: لو حلف على وقوع شَيْءٍ أَوْقَعَهُ اللَّهُ إِكْرَامًا لَهُ بِإِجَابَةِ سُؤَالِهِ وَصِيَانَتِهِ مِنَ الْحِنْثِ فِي يَمِينِهِ، وَهَذَا لِعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ مَعْنَى الْقَسَمِ هُنَا الدُّعَاءُ، وَإِبْرَارُهُ إِجَابَتُه.
وقال الحافظ رحمه الله: أيْ: لَوْ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى شَيْءٍ أَنْ يَقَعَ طَمَعًا فِي كَرَمِ اللَّهِ بِإِبْرَارِهِ لَأَبَرَّهُ وَأَوْقَعَهُ لِأَجْلِهِ، وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ إِجَابَة دُعَائِهِ.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: الإقسام على الله أن يقول الإنسان: والله، لا يكون كذا وكذا، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا، والإقسام على الله نوعان:
أحدهما: أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله -عز وجل- وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء، فهذا جائز، ودليله قوله -صلى الله عليه وسلم- (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره).
النوع الثاني: من الإقسام على الله: ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس، وأنه يستحق على الله كذا وكذا، فهذا - والعياذ بالله – محرم، وقد يكون مُحبِطا للعمل.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: ثبوت القصاص في السن إذا كانت الجناية عمداً.
قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على القصاص في السن للآية وحديث الربيع، ولأن القصاص فيها ممكن، لأنها محدودة في نفسها، فوجب فيها القصاص كالعين.
وتؤخذ الصحيحة بالصحيحة، وتؤخذ المكسورة بالصحيحة، لأنه يأخذ بعض حقه، وهل يأخذ مع القصاص أرش الباقي؟ فيه وجهان، ذكرناهما فيما مضى. (المغني).
• هل يجب القصاص في بقية عظام الجسد؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
قال بن بطال: أجمعوا على قلع السن بالسن في العمد.
واختلفوا في سائر عظام الجسد:
فقال مالك فيها القود إلا ما كان مجوفاً أو كان كالمأمومة والمنقلة والهاشمة ففيها الدية.
واحتج بالآية، ووجه الدلالة منها، أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد على لسان نبينا بغير إنكار، وقد دل قوله (السن بالسن) على إجراء القصاص في العظم لأن السن عظم إلا ما أجمعوا على أن لا قصاص فيه إما لخوف ذهاب النفس وإما لعدم الاقتدار على المماثلة فيه.
وقال الشافعي والليث والحنفية: لا قصاص في العظم غير السن.
لأن دون العظم حائلاً من جلد ولحم وعصب يتعذر معه المماثلة، فلو أمكنت لحكمنا بالقصاص ولكنه لا يصل إلى العظم حتى ينال ما دونه مما لا يعرف قدره.
وقال الطحاوي: اتفقوا على أنه لا قصاص في عظم الرأس فليلتحق بها سائر العظام، وتعقب بأنه قياس مع وجود النص، فإن في حديث الباب أنها كسرت الثنية فأمرت بالقصاص مع أن الكسر لا تطرد فيه المماثلة. (نقله في الفتح).