الثالث عشر: إن عجزت العاقلة عن دفع الدية لفقرها أو من لا عاقلة له: فإن الدية تكون من بيت مال المسلمين، فإن لم يمكن أخذها من بيت المال، ففي المسألة خلاف؟
منهم من قال: لا شيء على القاتل.
وهو المذهب عند الحنابلة،
والأكثر على أنه يتحملها القاتل نفسه، وهو مذهب الأكثر.
واختاره ابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قال في الإنصاف: ومن لا عاقلة له، أو لم تكن له عاقلة تحمل الجميع: فالدية أو باقيها من بيت المال، فإن لم يمكن أخذها من بيت المال، فلا شيء على القاتل، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب .... وهو من مفردات المذهب، ويحتمل أن تجب في مال القاتل. قال المصنف هنا [ابن قدامة]: وهو أولى، فاختاره " انتهى.
قال الشيخ البليهي في السلسبيل: أن من لا عاقلة له أو عجزت عن الدية أو بعضها أخذه دفعة واحدة من بيت المال فإن تعذرت سقطت، واختيار الشيخ تؤخذ من الجاني عند تعذر العاقلة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الاختيارات العلمية: تؤخذ الدية من الجاني خطأ عند تعذر العاقلة في أصح قولي العلماء.
• كم دية الجنين الذي سقط ميتاً بسبب الجناية على أمه؟
دية الجنين غرة (عبد أو امرأة) والمتخير في ذلك من يغرم وهو القاتل، فإذا أتى بعبد لزم أولياء الجنين قبوله، وإذا أتى بأمَة لزم أولياؤه قبولها.
وإذا لم يوجد عبد ولا أمة يرجع إلى خمس من الإبل يعطى أولياء الجنين.
الجنين الذي يموت في بطن أمه له أحوال:
الأول: أن يموت معها قبل أن يخرج.
فهذا لا شيء فيه، وإنما الدية في الأم، فهو لا دية له لأنه كعضو من أعضائها.
الثاني: أن يخرج حياً فيستهل أو يعطس أو يشرب، ثم يموت متأثراً بالجناية، ففيه دية كاملة إن خرج لوقت يعيش لمثله [بعد ستة أشهر].
مثال: إنسان دفع حامل ولجنينها سبعة أشهر في بطنها، وسقط حياً حياة مستقرة ثم مات.
فعليه دية كاملة، لأنه قتل نفساً، فيلزم الجاني دية كاملة.
وهذا قول عامة أهل العلم.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الجنين يسقط حياً من الضرب، دية كاملة، منهم: زيد ابن ثابت، وعروة، والزهري، والشعبي، وقتادة، وابن شبرمة، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وذلك لأنه مات من جنايته بعد ولادته، في وقت يعيش لمثله، فأشبه قتله بعد رضعه ".