للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٨٧ - وَعَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- عَنِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (اَلْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

٥٨٨ - وَلَهُمَا: نَحْوُهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَة.

===

• ما المراد بالبكاء في الحديث؟

المراد النياحة.

قال النووي: وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء هنا البكاء بصوت لا مجرد دمع العين.

• ما الجمع بين هذا الحديث، وبين قوله تعالى (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).

اختلف العلماء في الجواب على هذا الحديث على أقوال كثيرة:

القول الأول: حمل الأحاديث الواردة في المسألة على ظاهرها وتأويل الآية.

وهذا قول ابن عمر، واختاره الشواكاني، والشيخ ابن باز.

قالوا: بأن الله تعالى له أن يتصرف في خلقه كما يشاء، ولا يُسأل عما يفعل سبحانه

وقالوا عن الآية: بأنها عامة، والحديث مخصص لعمومها.

قال الشوكاني: وأنت خبير بأن الآية عامة لأن الوزر المذكور فيها واقع في سياق النفي والأحاديث المذكورة في الباب مشتملة على وزر خاص، وتخصيص العمومات القرآنية بالأحاديث الأحادية هو المذهب المشهور الذي عليه الجمهور، فلا وجه لما وقع من رد الأحاديث بهذا العموم، ولا ملجئ إلى تجشم المضايق لطلب التأويلات المستبعدة باعتبار الآية.

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ليس هناك تعارض بين الأحاديث والآية التي ذكرتها عائشة رضي الله عنها فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن عمر ومن حديث المغيرة وغيرهما في الصحيحين وليس في البخاري وحده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الميت يعذب بما يناح عليه) وفي رواية_للبخاري: ببكاء أهله عليه، والمراد بالبكاء النياحة وهي رفع الصوت، أما البكاء الذي هو دمع العين فهذا لا يضر، وإنما الذي يضر هو رفع الصوت بالبكاء وهو المسمى بالنياحة. والرسول -صلى الله عليه وسلم- قصد بهذا منع الناس من النياحة على موتاهم وأن يتحلوا بالصبر ويكفوا عن النوح، ولا بأس بدمع العين وحزن القلب، كما قال -عليه السلام- (لما مات ابنه إبراهيم: العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) فالميت يعذب بالنياحة عليه من أهله والله أعلم بكيفية العذاب الذي يحصل له بهذه النياحة وهذا مستثنى من قوله تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) فإن القرآن والسنة لا يتعارضان، بل يصدق أحدهما الآخر ويفسر أحدهما الآخر، فالآية عامة والحديث خاص، والسنة تفسر القرآن وتبين معناه، فيكون تعذيب الميت بنياحة أهله عليه مستثنى من الآية الكريمة ولا تعارض بينها وبين الأحاديث.

القول الثاني: أن اللام في قوله -صلى الله عليه وسلم- (إن الميت) هي لمعهود معين، وهي يهودية مر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال الحديث، والراوي سمع بعض الحديث ولم يسمع بعضه الآخر.

وهذا هو الظاهر من رواية عمرة وعروة عن عائشة.

عن عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ (إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِى عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>