للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدل بأنَّ الوقف إنَّما هو تسبيل المنفعة، فإذا زالت منفعته زال حق الموقوف عليه منه فزال ملكه عنه.

القول الثالث: جواز بيع الوقف للحاجة.

وهذا رواية عن الإمام أحمد، بشرط أن يشتري بقيمته ما يكون بدلاً عن الأول.

ودليلهم على ذلك ما فعله عمر -رضي الله عنه- حين بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نقب فكتب إلى سعد: أن انقل المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد، وكان هذا العمل بمشهد من الصحابة فلم ينكر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومع الحاجة يجب إبدال الوقف بمثله، وبلا حاجة يجوز بخير منه لظهور المصلحة.

فلو كان الوقف بيتاً فانهدمت، أو كان مسجداً ورحل عنه أهل القرية فعلى هذا القول أنه يجوز بيعه وإبداله بشيء آخر يستمر فيه نفعه للواقف.

لما ورد عن عمر (كتب إلى سعد - لما بلغه أن بيت المال الذي في الكوفة قد نَقَب - تهدم - قال عمر: انقل المسجد الذي بالتمّارين، واجعل بيت المال في قِبلة المسجد، فإنه لا يزال في المسجد مصلٍّ) أخرجه الطبراني، وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان إجماعاً [قاله في المغني].

ويؤيد هذا أن بقاء العين بلا منفعة لا فائدة فيه، وحرمان له من ثوابه.

• ما حكم الوقف على النفس؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: صحة ذلك.

وهذا اختيار ابن تيمية.

أ- لحديث جابر. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- لرجل (ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك … ) رواه مسلم.

قالوا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل الصدقة على النفس هي المقدمة، والوقف نوع من الصدقة.

ب- أن المقصود من الوقف القربة، وهي حاصلة بالوقف على النفس.

القول الثاني: عدم صحة ذلك.

وهذا قول الجمهور.

لحديث الباب وفيه قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (حبّس الأصل وسبّل الثمرة) رواه أحمد.

قالوا: إن تسبيل الثمرة تمليكها للغير، ولا يتصور أن يملك الشخص من نفسه لنفسه.

والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>