بَابُ حَدِّ الشَّارِبِ
أي: شارب الخمر، وسيأتي إن شاء الله تعريف الخمر.
١٢٤١ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ، قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بِرَجُلٍ) قال الحافظ: الرجل المذكور لَم أقف على اسمه صريحاً، لكن جاء ما يؤخذ منه، أنه النعيمان.
(قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ) الخمر لغة: ما خامر العقل وستره، وسمي بذلك لأنها تغطي العقل وتستره.
وهو يطلق على كل ما أسكر العقل من عصير كل شيء أو نقيعه، سواء كان من العنب أم التمر أم غيرهما.
(فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ) أي: تولى الخلافة، وفي رواية (فَلَمَّا كَانَ عُمَر وَدَنَا النَّاس مِنْ الرِّيف وَالْقُرَى).
(أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ) أي: اجعله مثل أخف الحدود ثمانين وهو حد القاذف.
قال النووي: يعْنِي الْمَنْصُوص عَلَيْهَا فِي الْقُرْآن، وَهِيَ حَدّ السَّرِقَة بِقَطْعِ الْيَد، وَحَدّ الزِّنَا جَلْد مِائَة، وَحَدّ الْقَذْف ثَمَانِينَ، فَاجْعَلْهَا ثَمَانِينَ كَأَخَفّ هَذِهِ الْحُدُود.
(فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ) وللبخاري عن السّائب بن يزيد، قال: كنّا نؤتى بالشّارب على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإمْرةِ أبي بكرٍ وصدراً من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا، حتّى كان آخر إمْرَة عمر، فجلد أربعين، حتّى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين.
• لماذا سميت الخمر خمراً؟
ذكر علماء اللغة في ذلك خلافاً على أقوال ثلاثة:
الأول: سميت خمراً لأنها تغطى حتى تدرك أي حتى تغلي.
حكاه النووي، والقرطبي، والحافظ بن حجر، والرازي، وعزاه لابن الأعرابي.
الثاني: أنها لما كانت تستر العقل وتغطيه سميت بذلك.
حكاه القرطبي، والحافظ بن حجر، والفيروز آبادي، والنووي، وعزاه للكسائي.
الثالث: سميت خمرا لأنها تخامر العقل أي تخالطه.
حكاه الفيروز آبادي، والقرطبي، وابن حجر، والنووي، وعزاه لابن الأنباري.
وهذه المعاني الثلاثة يجدها الناظر متقاربة بل هي متشابكة لأن أصلها الستر فلا مانع إذا أن تكون سميت الخمر خمراً لهذه الأمور الثلاثة ولا منافاة.