٥٣٤ - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (دَخَلَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَبِي سَلَمَةَ -رضي الله عنه- وَقَدْ شُقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اَلرُّوحَ إِذَا قُبِضَ، اتَّبَعَهُ الْبَصَرُ" فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ. فَإِنَّ اَلْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا تَقُولُونَ". ثُمَّ قَالَ: "اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي اَلْمَهْدِيِّينَ، وَافْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
===
(عَلَى أَبِي سَلَمَةَ) مشهور بكنيته، واسمه عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، من السابقين الأولين إلى الإسلام، مات عام ٤ هـ.
(شقَّ بَصَرُهُ) قال النووي: بفتح الشين، أي انفتح، لأن البصر يتبع الروح.
(إِنَّ اَلرُّوحَ إِذَا قُبِضَ، اتَّبَعَهُ الْبَصَرُ) معناه إذا خرج الروح من الجسد تبعه البصر ناظراً أين يذهب.
(فَضَجَّ) أي: صاح وصرخ.
(وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ) أي: اجعل له درجة عالية.
(فِي اَلْمَهْدِيِّينَ) أي مع المهديين، كقوله تعالى (وأدخلني في عبادك الصالحين) أي معهم.
(وَافْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ) أي: أوسع له.
(وَاخْلُفْهُ) أي: اجعل له خليفة.
(فِي عَقِبِهِ) العقب الولد وولد الولد، وفي الحديث (في الغابرين) أي الباقين، كقوله تعالى (إلا امرأته كانت من الغابرين).
• ما حكم تغميض العينين إذا مات الإنسان؟
مستحب.
وهذا لدليل وتعليل.
الدليل: حديث الباب.
والتعليل:
قال النووي: أن لا يقبح بمنظره لو ترك إغماضه.
وقال ابن قدامة: لأن الميت إذا كان مفتوح العينين والفم فلم يغمض حتى يبرد بقي مفتوحاً فيقبح منظره، ولا يؤمن دخول الهوام فيه والماء في وقت غسله.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
- لا بأس بالبكاء على الميت ما لم يصل إلى حد النياحة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقرهم لما ضجوا.
- أن الإنسان إذا كان حاضراً عند الميت فإنه يستحب أن يدعو له [اللهم اغفر له، اللهم ارحمه … ] لأن الملائكة تؤمن على ذلك.
- إثبات الملائكة.
- فضل أبي سلمة حيث دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الدعوات العظيمة، وقد استجاب الله دعاء نبيه -صلى الله عليه وسلم- فأخلفه في عقبه، حيث تزوجت زوجته أم سلمة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان أولاده في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قالت أم سلمة: (سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها، إلا أخلفه الله خيراً منها، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وأما بقية الدعوات (اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين) فنرجوا أن الله استجاب دعوة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
- استحباب الدعاء للعقب لعل الله أن يبارك فيهم.
- استحباب البدء بالنفس قبل الغير في الدعاء، لقوله (واغفر لنا وله … ).
- أن القبر قد يكون نوراً على صاحبه وقد يكون ظلاماً.
وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أصحابها، وإن الله ينورها عليهم بصلاتي عليهم).
- أن الدعاء للميت عند أهله فيه تسلية لهم.