• ما حكم ضرب الدف للرجال؟
اختلف العلماء في حكم الضرب به للرجال في الأعراس:
فمذهب جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة: الجواز.
لأن الأحاديث لم تفرق بين الرجال والنساء.
وذهب الحنفية، وبعض العلماء من المذاهب الأخرى إلى اختصاص الضرب به بالنساء؛ لأن المعهود في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة أن يضرب به النساء لا الرجال، وهو من الأعمال الخاصة بهن.
وهو اختيار الحافظ ابن حجر، وابن قدامة المقدسي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وعليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء.
قال ابن حجر: والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: وإنما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة، أما الرجال فلا يجوز لهم استعمال شيء من ذلك لا في الأعراس ولا في غيرها، وإنما شرع الله للرجال التدرب على آلات الحرب كالرمي وركوب الخيل والمسابقة بها وغير ذلك.
وقال أيضاً - رحمه الله - أما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم ولا مدح لمحرم في وقت من الليل للنساء خاصة لإعلان النكاح والفرق بينه وبين السفاح كما صحت السنة بذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فائدة:
قال ابن قدامة في المغني: فإن عقده بولي وشاهدين فأسروه أو تواصوا بكتمانه كره ذلك وصح النكاح.
وبه يقول أبو حنيفة، والشافعي، وابن المنذر، وممن كره نكاح السر عمر -رضي الله عنه-، وعروة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، والشعبي ونافع ـ مولى ابن عمر.
وقال أبو بكر عبد العزيز النكاح باطل، لأن أحمد قال: إذا تزوج بولي وشاهدين: لا، حتى يعلنه، وهذا مذهب مالك.
ولنا قوله: لا نكاح إلا بولي.
مفهومه انعقاده بذلك وإن لم يوجد الإظهار، ولأنه عقد معاوضة فلم يشترط إظهاره كالبيع، وأخبار الإعلان يراد بها الاستحباب، بدليل أمره فيها بالضرب بالدف والصوت، وليس ذلك بواجب فكذلك ما عطف عليه.
وقول أحمدـ: لا، نهي كراهة، فإنه قد صرح فيما حكينا عنه قبل هذا باستحباب ذلك، ولأن إعلان النكاح والضرب فيه بالدف إنما يكون في الغالب بعد عقده ولو كان شرطاً لاعتبر حال العقد كسائر الشروط. (المغني).
فائدة:
ورد حديث (أسروا الخطبة وأَعْلِنُوا النِّكَاح) وهذا الحديث رواه الديلمي في مسند الفردوس بلفظ: (أظهروا النكاح وأخفوا الخِطبة) وهو حديث ضعيف، ضعفه الألباني رحمه الله.
لكن الجملة الأولى منه صحت بلفظ: (أعلنوا) كما في حديث الباب.
وقد استحب بعض العلماء إخفاء الخِطبة خوفاً من الحسدة الذين يسعون للإفساد بينه وبين أهل المخطوبة.
ويشهد لهذا ما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمةٍ محسود) رواه الطبراني وهو ضعيف.
وهذا ليس خاصاًّ بالخطبة، بل ينبغي للإنسان أن لا يظهر نعمة الله عليه أمام من يحسده عليها.