للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه أدلتها مرتبة:

أولاً: عَنْ عَائِشَةَ (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه-، دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى) متفق عليه.

ثانياً: عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ (دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِين) رواه البخاري.

قال المهلب: في هذا الحديث إعلان النكاح بالدف وبالغناء المباح. انتهى من (فتح الباري).

قال ابن بطال: اتفق العلماء على جواز اللهو في وليمة النكاح، مثل ضرب الدف وشبهه ما لم يكن محرمًا ". انتهى من " شرح صحيح البخاري" لابن بطال.

ثالثاً: عن بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ -رضي الله عنه- قال: (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي، وَإِلاَّ فَلَا) فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ، فَأَلْقَتِ الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا، ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ، إِنِّي كُنْتُ جَالِسًا وَهِيَ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ، فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ أَلْقَتِ الدُّفَّ). رواه الترمذي.

قال ابن القيم رحمه الله: حديث صحيح، وله وجهان:

أحدها: أن يكون أباح لها الوفاء بالنذر المباح؛ تطييباً لقلبها؛ وجبراً، وتأليفاً لها على زيادة الإيمان، وقوته، وفرحها بسلامة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

والثاني: أن يكون هذا النذر قربة لما تضمنه من السرور والفرح بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم سالماً، مؤيداً، منصوراً على أعدائه، قد أظهره الله، وأظهر دينه، وهذا من أفضل القُرَب، فأُمرت بالوفاء به. (إعلام الموقعين).

وقال العراقي في (طرح التثريب) وقد يقترن بالضرب بالدف قصد جميل كجبر يتيمة في عرسها، وإظهار السرور بسلامة من قد يعود نفعه على المسلمين، ومن ذلك: ضرب هذه المرأة بالدف، فهو مباح بلا شك" انتهى.

وقال زكريا الأنصاري في (أسنى المطالب) وضرب الدف مباح في العرس والختان وغيرهما مما هو سبب لإظهار السرور كعيد وقدوم غائب .... وذكر حديث الجارية المتقدم.

وجاء في (الموسوعة الفقهية) تعقيباً على حديث الجارية: "وهذا نص في إباحة الغناء عند قدوم غائب تأكيداً للسرور" انتهى.

فهذه الأحاديث تدل على جواز الضرب بالدف في هذه المواطن الثلاثة، وما عدا ذلك فيبقى على الأصل وهو التحريم، وتوسع بعض العلماء فقالوا يجوز الضرب بالدف في الولادة والختان، وتوسع آخرون أكثر فقالوا بجوازه في كل ما سبب لإظهار السرور كشفاء مريض ونحوه. (انظر الموسوعة الفقهية ٣٨/ ١٦٩).

والأولى الاقتصار على ما ورد به النص والله اعلم .... (الإسلام سؤال وجواب).

<<  <  ج: ص:  >  >>