ثم قال رحمه الله: وَمَا انْعَدَمَ فِيهِ الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ، وَالطَّعْمُ، وَاخْتَلَفَ جِنْسُهُ، فَلَا رِبَا فِيهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً.
وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَالتِّينِ، وَالنَّوَى، وَالْقَتِّ، وَالْمَاءِ، وَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ دَوَاءً، فَيَكُونُ مَوْزُونًا مَأْكُولًا، فَهُوَ إذًا مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. (المغني).
• ما أنواع الربا؟
الربا نوعان - كما تقدم - ربا نسيئة وربا فضل.
فالنوع الأول ربا النسيئة - من النساء بالمد وهو التأخير - هو نوعان:
أحدهما: قلب الدين على المعسر، وهذا هو أصل الربا في الجاهلية:
أن الرجل يكون له على الرجل المال المؤجل، فإذا حل الأجل قال له: أتقضي أم تربي، فإن وفاه وإلا زاد هذا في الأجل وزاد هذا في المال فيتضاعف المال والأصل واحد.
وهذا الربا حرام بإجماع المسلمين، قال الله تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)، فإذا حل الدين وكان الغريم معسراً لم يجز بإجماع المسلمين أن يقلب الدين عليه بل يجب إنظاره.
وإن كان موسراً كان عليه الوفاء فلا حاجة إلى القلب لا مع يساره ولا مع إعساره لكن الكفار يعارضون حكم الله في ذلك ويقولون (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا).
الثاني: من نوعي ربا النسيئة: ما كان في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما - ويسميه بعضهم: ربا اليد -
كبيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، وكذا بيع جنس بآخر من هذه الأجناس مؤجلاً، وما شاركها في العلة يجري مجراها في هذا الحكم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد) في أحاديث كثيرة جاءت بمعناه.
فقوله -صلى الله عليه وسلم- (يداً بيد) يعني الحلول والتقابض قبل التفرق في بيع هذه الأشياء بعضها ببعض، ويقاس عليها ما شاركها في العلة.
النوع الثاني: ربا الفضل.
وتعريفه: هو الزيادة في مبادلة مال ربوي بمال ربوي من جنسه.
كمبادلة صاع بر بصاعين من البر، لوجود الزيادة في أحد العوضين.
أو مبادلة مائة غرام من الذهب بمائة وعشرة وإن اختلفا في الجودة.
وقد يجتمع ربا الفضل مع ربا النسيئة عند مبادلة الربوي بربوي من جنسه مع تأخير القبض.
كمائة بمائة وعشرة بعد شهر. [فهنا الجنس واحد وهو الريالات وجد التفاضل ١٠٠ بـ ١١٠ فهذا ربا الفضل، ووجد التأخير إلى شهر فهذا ربا النسيئة].