٦٥٣ - وَعَنْ حَفْصَةَ أُمِّ اَلْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا، عَنِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ اَلصِّيَامَ قَبْلَ اَلْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ، وَمَالَ النَّسَائِيُّ وَاَلتِّرْمِذِيُّ إِلَى تَرْجِيحِ وَقْفِهِ، وَصَحَّحَهُ مَرْفُوعًا اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.
وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ: - لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ مِنَ اَللَّيْلِ -.
===
• ما صحة حديث حفصة؟
الصحيح أنه موقوف كما رجحه النسائي والترمذي وأبو حاتم وابن عبد البر، وهو الصحيح.
وقد جاء وقفه عن ابن عمر عند مالك في الموطأ وإسناده صحيح.
• ما حكم النية للصوم الواجب؟
شرط، فمن لم يبيت النية من الليل فلا صيام له، وهذا في الصيام الواجب، كصيام رمضان وقضاء رمضان والنذر والكفارة.
أ- لحديث (إنما الأعمال بالنيات) متفق عليه.
قالوا: والصيام عمل فلا صحة له إلا بالنية، لأن صحة العبادات مربوط بالنية.
ب- حديث الباب - حديث حفصة - فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نفى الصيام إذا خلا عن النية، فدل ذلك على اشتراطها ولزومها لصحته. - اختلف العلماء هل يلزم لكل يوم نية أو يكفي نية واحدة من أول يوم من رمضان؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: يجزئ صوم رمضان نية واحدة من أول الشهر ما لم يقطعه بعذر فيستأنف النية.
وهذا مذهب المالكية.
لأنه من المعلوم عند جميع المسلمين أنه إذا دخل رمضان لا يمكن أن يتخلله يوم بدون صيام.
القول الثاني: يجب أن ينوي كل يوم بيومه من ليلته.
وهذا هو المشهور من المذهب، وهو مذهب الجمهور.
أ- قالوا: لأن كل يوم عبادة مستقلة.
قال ابن قدامة: ولأن هذه الأيام عبادات لا يفسد بعضها بفساد بعض، ويتخللها ما ينافيها، فأشبهت القضاء.
ب- ولأنه صوم واجب، فوجب أن ينوي كل يوم من ليلته، كالقضاء. (المغني).
والراجح القول الأول.
ويظهر أثر الخلاف: لو نام مكلف قبل الغروب، ولم يفق إلا من الغد بعد الفجر، فعلى المذهب لا يصح صومه، وعلى القول الراجح يصح صومه.
• ما الحكم لو قال: إن كان غداً من رمضان فهو فرضي؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا يصح.
وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة.
أ- لحديث الباب، قالوا: إن الحديث صريح في تبييت النية من الليل، فيكون نصاً في المسألة.
ب- ولأن هذا تردد في النية، والنية لا بد فيها من الجزم
القول الثاني: أنه يصح.
وهذا اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، واختاره الشيخ ابن عثيمين.
لأن هذا الرجل علق النية لأنه لا يعلم هل غداً من رمضان أم لا؟ فتردده مبني على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد هل يصوم أم لا؟
وهذا القول هو الصحيح.
قال ابن تيمية: وَتَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. فَإِنْ نَوَى نَفْلًا أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ أَدَاء الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي عَلِمَ وُجُوبَهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ الْوَاجِبَ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهُنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْيِينُ وَمَنْ أَوْجَبَ التَّعْيِينَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ فَقَدْ أَوْجَبَ الْجَمْعَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ. فَإِذَا قِيلَ إنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ وَصَامَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ أَوْ مُعَلَّقَةٍ أَجْزَأَهُ.
فائدة: وهذه المسألة تحدث في رجل نام مبكراً ليلة الثلاثين من شعبان، وفيه احتمال أن تكون هذه الليلة من رمضان.