فَإِنْ هُمْ أَبَوْا) أي: الإسلام.
(فَاسْأَلْهُمْ اَلْجِزْيَةَ) سيأتي معناها إن شاء الله.
(وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اَللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ) أي: عهدهما وأمانهما.
(فَلَا تَفْعَلْ) لا بالاجتماع ولا بالانفراد.
(وَلَكِنْ اِجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ) ثم علل ذلك بقوله:
(فَإِنَّكُمْ إِنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ) أي: أن تنقضوا عهودكم.
• اذكر خلاف العلماء فيمن تؤخذ منهم الجزية من الكفار؟
القول الأول: أن الجزية تؤخذ من أهل الكتاب والمجوس فقط.
وبهذا قال الشافعية، والحنابلة، وهو قول ابن حزم.
قال ابن قدامة: مَنْ سِوَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ، وَلَا يُقَرُّونَ بِهَا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا قُتِلُوا، هَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وقال النووي:
أ-لقوله تعالى (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ).
وجه الدلالة: أنه جعل الكتاب شرطاً في قبولها، فلم يجز - لعدم الشرط - قبولها من غيرهم.
ب- عن عَبْد الرَّحْمَن بْنُ عَوْف (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَر) رواه البخاري.
القول الثاني: أن الجزية تؤخذ من أهل الكتاب والمجوس ومشركي العجم خاصة دون مشركي العرب.
وهذا قول الحنفية.
القول الثالث: أن الجزية تؤخذ من جميع الكفار دون استثناء.
وهذا قول المالكية، واختيار ابن تيمية، وابن القيم.
قال القرطبي: وقال الأوزاعي: تؤخذ الجزية من كل عابد وثن، أو نار، أو جاحد، أو مكذب، كذلك مذهب مالك.
أ- لحديث الباب (وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ اَلْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ … ).
وجه الدلالة: أن لفظ المشركين يعم الكفار جميعاً، من اليهود، والنصارى، والمجوس، وعباد الأوثان من العرب وغيرهم.
ب- ولأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخذ الجزية من مجوس هجر كما تقدم.
والله أعلم.