٩٤٣ - وَعَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ -رضي الله عنه- (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ لُقَطَةِ اَلْحَاجِّ) رَوَاهُ مُسْلِم.
===
• هل لقطة الحرم يختلف حكمها عن بقية البلاد أم كغيرها؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا يجوز التقاطها إلا لمن أراد ينشدها ويعرفها دائماً وأبداً.
وهذا مذهب الشافعي، واختاره ابن القيم وقال: هذا هو الصحيح.
أ- لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: (لَمَّا فَتَحَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- مَكَّةَ، قَامَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي اَلنَّاسِ، فَحَمِدَ اَللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اَللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ اَلْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، … وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ) متفق عليه. أي المعرّف على الدوام.
قال الحافظ ابن حجر: والمعنى: لا تحل لقطتها إلا لمن يريد أن يعرفها فقط، فأما من أراد أن يعرفها ثم يتملكها فلا.
وقال النووي: وَمَعْنَى الْحَدِيث لَا تَحِلّ لُقَطَتهَا لِمَنْ يُرِيد أَنْ يُعَرِّفهَا سَنَة ثُمَّ يَتَمَلَّكهَا كَمَا فِي بَاقِي الْبِلَاد، بَلْ لَا تَحِلّ إِلَّا لِمَنْ يُعَرِّفهَا أَبَدًا. وَلَا يَتَمَلَّكهَا، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيّ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ وَأَبُو عُبَيْد وَغَيْرهمْ، وَقَالَ مَالِك: يَجُوز تَمَلُّكهَا بَعْد تَعَرُّفهَا سَنَة، كَمَا فِي سَائِر الْبِلَاد، وَبِهِ قَالَ بَعْض أَصْحَاب الشَّافِعِيّ، وَيَتَأَوَّلُونَ الْحَدِيث تَأْوِيلَات ضَعِيفَة.
ب-وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ (إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا) متفق عليه.
ب- ولحديث الباب (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ) رواه مسلم.
القول الثاني: أن لقطة الحرم والحل سواء.
وهذا قول الجمهور، فهو مذهب الحنفية، والمالكية، والمشهور عند الحنابلة.
أ-لحديث زيد بن خالد. قال (سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ؟ فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا) فلم يفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين لقطة الحرم وغيرها.
ب- وأنه أحد الحرمين، فأشبه حرم المدينة.
ج- ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم، كالوديعة. (المغني).
والراجح القول الأول.
والجواب عن حديث زيد بن خالد: أنه عام، مخصوص بلقطة مكة لحديث (لا تحل ساقطتها إلا لمنشد).