• ماذا نستفيد من قوله: (إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب)؟
فيه دليل على أنه لا بد من خطبة الجمعة.
وقد ذهب جماهير العلماء إلى أن الخطبة شرط.
قال في المغني: وجملة ذلك أن الخطبة شرط في الجمعة لا تصح بدونها … ولا نعلم فيه مخالفاً إلا الحسن.
أ-لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه).
وقد اختلف السلف في المراد بذكر الله على قولين:
فمنهم قال: الخطبة. ومنهم قال: الصلاة.
ورجح ابن العربي أنها تشمل الجميع.
فعلى القول بأن المراد الخطبة تدل على وجوبها من وجوه:
أولاً: أنه أمر بالسعي إليها، والأصل في الأمر الوجوب.
ثانياً: أن الله أمر بترك البيع عند النداء لها، أي أن البيع يحرم في ذلك الوقت، فتحريمها للبيع دليل على وجوبها.
وعلى القول بأن المراد الصلاة: فإن الخطبة من الصلاة.
ب-قوله تعالى (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً) فالله تعالى ذمهم على الانفضاض وترك الخطبة، والواجب هو الذي يذم تاركه شرعاً.
ج-ولحديث الباب، مع قوله -صلى الله عليه وسلم- (صلوا كما رأيتموني أصلي).
وعلى هذا فإن شرطية الخطبة لصحة صلاة الجمعة إنما هي في الجملة وليست بخصوص كل واحد، أي أن صلاة الجمعة من حيث هي يشترط لصحتها الخطبة، فلا تصح بدونها، فإذا وجدت ولم يدركها بعض المصلين، لكنهم أدركوا الصلاة فقط صحت صلاتهم.
• ماذا نستفيد من قوله: (كان يخطب ثم يجلس ثم يقوم يخطب)؟
نستفيد: أنه لا بد من خطبتين.
وقد اختلف العلماء: هل يشترط خطبتين، أم تكفي خطبة واحدة؟ على قولين:
القول الأول: أنه يشترط خطبتان.
وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، وبعض المالكية.
أ-لحديث الباب.
ب- ولحديث ابن عمر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب خطبتين وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس) متفق عليه.
وجه الدلالة من الحديثين: أن فيهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب للجمعة خطبتين، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (صلوا كما رأيتموني أصلي).
ج- أن الخطبتين أقيمتا مقام الركعتين من صلاة الظهر، فكل خطبة مكان ركعة، فالإخلال بإحداهما كالإخلال بإحدى الركعتين.