القول الثاني: أنه يقتل بكل حال.
وهذا مذهب أبي سلمة ابن عبد الرحمن والرواية الثانية عن الإمام أحمد حكى ذلك ابن القيم عنهما. وقال الشافعي إن صح الحديث قلت به.
لحديث الباب (من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه).
وجه الاستدلال من هذا الحديث على هذا القول واضح فإنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل من أتى بهيمة وقتل البهيمة معه، وليس فيه تفصيل في الفرق بين المحصن وغيره بل يفيد قتله مطلقاً.
القول الثالث: أن حده حد الزاني، يجلد إن كان بكراً ويرجم إن كان محصناً.
وهو قول الحسن البصري، وأحد أقوال الشافعي.
واستدل هؤلاء بالقياس على الزنى بجامع أن كلا منهما وطء في فرج محرم ليس له فيه شبهة فيكون حده كالزنا.
والراجح القول الأول.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه:
ذهب جماهير الفقهاء إلى أنه لا حد على من أتى بهيمة لكنه يعزر.
لما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال (من أتى بهيمة فلا حد عليه) ومثل هذا لا يقوله إلا عن توقيف، ولأن الطبع السليم يأباه، فلم يحتج إلى زجر بحد، وعند الشافعية قول: إنه يحد حد الزنى وهو رواية عن أحمد، وعند الشافعية قول آخر: بأنه يقتل مطلقاً محصناً كان أو غير محصن.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فلو أولج الإنسان في بهيمة عزّر، وقتلت البهيمة على أنها حرام جيفة، فإن كانت البهيمة له فاتت عليه، وإن كانت لغيره وجب عليه أن يضمنها لصاحبها.
وقيل إن من أتى بهيمة قتل لحديث ورد في ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة) وهذا عام أخذ به بعض أهل العلم، وقالوا: إن فرج البهيمة لا يحل بحال، فيكون كاللواط، ولكن الحديث ضعيف، ولهذا عدل أهل العلم لمّا ضعف الحديث عندهم إلى أخف الأمرين، وهو قتل البهيمة، وأما الآدمي فلا يقتل؛ لأن حرمته أعظم، ولكن يعزر لأن ذلك معصية، والقاعدة العامة أن التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة. (الشرح الممتع).
• ما الحكمة من قتل البهيمة؟
قال ابن قدامة: واختلف في علة قتلها.
فقيل: إنما قتلت لئلا يعير فاعلها، ويذكر برؤيتها.
وقيل: لئلا تلد خلقا مشوها.
وقيل: لئلا تؤكل. وإليها أشار ابن عباس في تعليله. (المغني).
وجاء في تحفة الأحوذي: قيل: لِئَلَّا يَتَوَلَّدَ مِنْهَا حَيَوَانٌ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ، وَقِيلَ: كَرَاهَةَ أَنْ يَلْحَقَ صَاحِبُهَا الْخِزْيُ فِي الدُّنْيَا لِإِبْقَائِهَا.