القول الثاني: أنه لا يفرق بينهما.
قال ابن قدامة: وذهب عطاء، والزهري، وابن شبرمة، وأبو حنيفة وصاحباه إلى أنها لا تملك فراقه بذلك، ولكن يرفع يده عنها لتكتسب؛ لأنه حق لها عليه.
وقال الصنعاني: والثاني ما ذهب إليه الهادوية والحنفية وهو قول للشافعي أنه لا فسخ بالإعسار من النفقة.
أ- لقوله تعالى (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) قالوا وإذا لم يكلفه الله النفقة في هذه الحال فقد ترك ما لا يجب عليه ولا يأثم بتركه فلا يكون سبباً للتفريق بينه وبين سكنه.
ب- أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سألْنه النفقة قام أبو بكر إلى عائشة فوجأ عنقها، وأن عمر قام إلى حفصة كذلك فوجأ عنقها.
القول الثالث: أن المرأة إذا تزوجت عالمة بإعساره أو كان موسراً ثم أصابته جائحة فإنه لا فسخ لها وإلا كان لها الفسخ وكأنه جعل علمها رضا بعسرته.
واختار هذا ابن القيم، فقال في زاد المعاد: وَاَلّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ الشّرِيعَةِ وَقَوَاعِدُهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنّ الرّجُلَ إذَا غَرّ الْمَرْأَةَ بِأَنّهُ ذُو مَالٍ فَتَزَوّجَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَظَهَرَ مُعْدِمًا لَا شَيْءَ لَهُ أَوْ كَانَ ذَا مَالٍ وَتَرَكَ الْإِنْفَاقَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَخْذِ كِفَايَتِهَا مِنْ مَالِهِ بِنَفْسِهَا وَلَا بِالْحَاكِمِ أَنّ لَهَا الْفَسْخَ وَإِنْ تَزَوّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ أَوْ كَانَ مُوسِرًا ثُمّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَلَا فَسْخَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَلَمْ تَزَلْ النّاسُ تُصِيبُهُمْ الْفَاقَةُ بَعْدَ الْيَسَارِ وَلَمْ تَرْفَعْهُمْ أَزْوَاجُهُمْ إلَى الْحُكّامِ لِيُفَرّقُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنّ وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ.
والراجح قول الجمهور.
• هل للزوجة منع نفسها من التسليم حتى تقبض صداقها الحال؟
نعم، لها أن تمنع نفسها من التسليم حتى تقبض صداقها، ولا تسقط نفقتها بل تجب لها النفقة في هذه الحال.
لأنه لا يمكنها استدراك منفعة البضع، لو عجزت عن أخذه بعد، ولها النفقة في مدة الامتناع لذلك، لأنه بحق. (الروض)
• ما الحكم إذا غاب الزوج ولم يترك لها نفقة؟
إذا غاب الزوج، ولم يدع لها نفقة، وتعذر أخذها من ماله، فلها الفسخ بإذن الحاكم.
• هل يجب على الزوج دفع أجرة طبيب وقيمة دواء لزوجته؟
قيل: لا يلزم الزوج أجرة الطبيب الذي يعالج زوجته ولا ثمن دواء.
لأن ذلك ليس من حاجتها الضرورية المعتادة.
وقيل: يلزمه.
لقوله تعالى (وعاشروهن بالمعروف) وليس من المعاشرة بالمعروف أن تمرض الزوجة ثم لا يقوم بعلاجها وشراء الدواء لها، إلا إن شق عليه ذلك، كدواء كثير أو غالي الثمن .... (فقه الدليل للفوزان).