١٤٥٧ - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-، عَنْ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (رِضَا اَللَّهِ فِي رِضَا اَلْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اَللَّهِ فِي سَخَطِ اَلْوَالِدَيْنِ) أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِم.
===
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد فضل بر الوالدين والعمل على رضاهما، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل رضا الرب ومحبته لعبده في رضا والديه.
[من المقدم في البر الأم أم الأب؟]
الأم.
قال النووي في سرح حديث أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ «أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ «ثُمَّ أَبُوكَ).
الصَّحَابَة هُنَا بِفَتْحِ الصَّاد بِمَعْنَى الصُّحْبَة.
وَفِيهِ الْحَثّ عَلَى بِرّ الْأَقَارِب، وَأَنَّ الْأُمّ أَحَقّهمْ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدهَا الْأَب، ثُمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب.
قَالَ الْعُلَمَاء: وَسَبَب تَقْدِيم الْأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ، وَشَفَقَتهَا، وَخِدْمَتهَا، وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله، ثُمَّ وَضْعه، ثُمَّ إِرْضَاعه، ثُمَّ تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه، وَغَيْر ذَلِكَ. وَنَقَلَ الْحَارِث الْمُحَاسِبِيّ إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْأُمّ تُفَضَّل فِي الْبِرّ عَلَى الْأَب، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض خِلَافًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الْجُمْهُور بِتَفْضِيلِهَا، وَقَالَ بَعْضهمْ: يَكُون بِرّهمَا سَوَاء. قَالَ: وَنَسَبَ بَعْضهمْ هَذَا إِلَى مَالِك، وَالصَّوَاب الْأَوَّل لِصَرِيحِ هَذِهِ الْأَحَادِيث فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُور.
قَالَ الْقَاضِي: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأُمّ وَالْأَب آكَد حُرْمَة فِي الْبِرّ مِمَّنْ سِوَاهُمَا. قَالَ: وَتَرَدَّدَ بَعْضهمْ بَيْن الْأَجْدَاد وَالْإِخْوَة لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك قَالَ أَصْحَابنَا: يُسْتَحَبّ أَنْ تُقَدَّم فِي الْبِرّ الْأُمّ، ثُمَّ الْأَب، ثُمَّ الْأَوْلَاد، ثُمَّ الْأَجْدَاد وَالْجَدَّات، ثُمَّ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات، ثُمَّ سَائِر الْمَحَارِم مِنْ ذَوِي الْأَرْحَام كَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّات، وَالْأَخْوَال وَالْخَالَات، وَيُقَدَّم الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب. (نووي)
وقال الصنعاني: إذا تعارض حق الأب وحق الأم: فحق الأم مقدم.
لحديث: (قال رجل يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي قال أمك ثلاث مرات ثم قال أبوك).
فإنه دل على تقديم رضا الأم على رضا الأب.
قال ابن بطال: مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب، قال: وكأن ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع.
قلت: وإليه الإشارة بقوله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها) ومثلها (حملته أمه وهنا على وهن).