• هل يجوز للإنسان إذا كان له حق على إنسان وامتنع من أدائه أن يأخذ من ماله بغير إذنه؟
هذه المسألة تسمى عند العلماء (مسألة الظفر) وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
القول الأول: أنه يجوز له ذلك.
وهذا مذهب الشافعي، وهو المعتمد عند المالكية.
أ- لعموم قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ).
ب- وقوله تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ).
ج- وقوله تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا).
د- ولحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ (دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ - امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ، إلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ) متفق عليه.
فأجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- لهند الأخذ بغير إذن أبي سفيان، ولو كان الإذن شرطاً لبينه -صلى الله عليه وسلم-.
قال الإمام النووي عند ذكر ما يستفاد من الحديث: ومنها: أن من له على غيره حق وهو عاجز عن استيفائه يجوز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه، وهذا مذهبنا. (شرح النووي).
وقال الحافظ ابن حجر: واستدل به على أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه جاز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه، وهو قول الشافعي وجماعة.
القول الثاني: أنه لا يجوز.
وهذا مذهب الحنابلة.
لحديث الباب (ولا تخن من خانك).
• ما الجواب عن حديث (ولا تخن من خانك)
أجابوا: أن الحديث ضعفه جمع من أهل العلم، منهم الشافعي، وأحمد، والبيهقي، وابن حزم، وابن الجوزي.
ثم الحديث على فرض صحته، فإن هذا ليس من الخيانة.
قال الشنقيطي رحمه الله عند تفسير قوله تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِين … ).
يؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ حُكْمُ مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ، وَهِيَ أَنَّكَ إِنْ ظَلَمَكَ إِنْسَانٌ: بِأَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِكَ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلَمْ يُمْكِنْ لَكَ إِثْبَاتُهُ، وَقَدَرْتَ لَهُ عَلَى مِثْلِ مَا ظَلَمَكَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ تَأْمَنُ مَعَهُ الْفَضِيحَةَ وَالْعُقُوبَةَ; فَهَلْ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّكَ أَوْ لَا؟. أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ، وَأَجْرَأُهُمَا عَلَى ظَوَاهِرِ النُّصُوصِ وَعَلَى الْقِيَاسِ: أَنَّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّكَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ (فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ الْآيَةَ)
وَقَوْلِهِ (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم).
ومِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ: ابْنُ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُمْ.