للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال: وكان هذا من النبي -صلى الله عليه وسلم- ليرتدع من يتساهل في أخذ الدين، حتى لا تتشوّش أوقاتهم عند المطالبة، وكان هذا كلّه في أول الإسلام، … ثم نُسخ ذلك كلّه بقوله تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)، … ولقول الراوي في الحديث (فلما فتح اللَّه عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من تُوفّي، وعليه دين، فعليّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته.

فحديث جابر منسوخ بحديث أبي هريرة ( .. فمن مات ولم يترك وفاءً فعليّ قضاؤه).

وقال ابن حجر: قال العلماء كأن الذي فعله -صلى الله عليه وسلم- من ترك الصلاة على من عليه دين، ليحرض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها، لئلا تفوتهم صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وقال النووي: إِنَّمَا كَانَ يَتْرُك الصَّلَاة عَلَيْهِ لِيُحَرِّضَ النَّاس عَلَى قَضَاء الدَّيْن فِي حَيَاتهمْ، وَالتَّوَصُّل إِلَى الْبَرَاءَة مِنْهَا، لِئَلَّا تَفُوتهُمْ صَلَاة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ عَادَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ وَيَقْضِي دَيْن مَنْ لَمْ يُخَلِّف وَفَاء.

وقال أيضاً: وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيث: أَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: أَنَا قَائِم بِمَصَالِحِكُمْ فِي حَيَاة أَحَدكُمْ وَمَوْته. وَأَنَا وَلِيّه فِي الْحَالَيْنِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْن قَضَيْته مِنْ عِنْدِي إِنْ لَمْ يُخَلِّف وَفَاء، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَال فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ لَا آخُذ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ خَلَّفَ عِيَالًا مُحْتَاجِينَ ضَائِعِينَ فَلْيَأْتُوا إِلَيَّ، فَعَلَيَّ نَفَقَتهمْ وَمُؤْنَتهمْ. (شرح مسلم).

وقال ابن بطال: قوله (من ترك ديْناً فعلي) ناسخ لترك الصلاة على من مات وعليه ديْن.

وقال الحافظ المنذري: صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يصلي على المدين، ثم نسخ ذلك.

• ما المراد بقوله (فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ)؟

قال النووي: قِيلَ: إِنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقْضِيه مِنْ مَال مَصَالِح الْمُسْلِمِينَ.

وَقِيلَ: مِنْ خَالِص مَال نَفْسه.

وَقِيلَ: كَانَ هَذَا الْقَضَاء وَاجِبًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقِيلَ: تَبَرُّع مِنْهُ. (شرخ مسلم).

وقال الصنعاني قوله (فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ) ظاهره أنه يجب عليه القضاء.

• هل يجب قَضَاء دَيْن مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْن وليس له وفاء؟

فَقِيلَ: يَجِب قَضَاؤُهُ مِنْ بَيْت الْمَال.

وَقِيلَ: لَا يَجِب.

• هل يجوز ضمان ما على الميت من ديون؟

نعم يجوز ضمان الدين ولو كان المدين مفلساً، حياً أو ميتاً، مليئاً أو مفلساً.

وهذا قول الجمهور.

وقيل: لا يصح ضمان دين الميت إلا أن يخلف وفاء.

وهذا قول أبي حنيفة.

لأن هذا دين ساقط، فلا يصح ضمانه، كما انه لو أسقط بالأبرار. (لأنه دين على معسر والدين ع المعسر ساقط، لأنه لا يجوز مطالبته).

<<  <  ج: ص:  >  >>