للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الجصاص: وهذا دليل على أن فرض الجهاد على الكفاية وليس على كل أحد بعينه، لأنه وعد القاعدين الحسنى كما وعد المجاهدين، وإن كان ثواب المجاهدين أشرف وأجزل، ولو لم يكن القعود عن الجهاد مباحاً إذا قامت به طائفة لما وعد القاعدين الثواب، وفي ذلك دليل على ما ذكرنا أن فرض الجهاد غير معين على كل أحد في نفسه.

ب- وقال تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ).

قال القرطبي: الجهاد ليس على الأعيان، وأنه فرض كفاية، إذ لو نفر الكل لضاع من وراءهم من العيال، فليخرج فريق منهم للجهاد وليقم فريق منهم يتفقهون في الدين، ويحفظون الحريم ....

ج- عن أبي سعيد الخدري. (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بعْثاً إلى بني لحيان من هذيْل فقال: لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما).

د- قال بعض العلماء: ومن الأدلة الدالة على أنه فرض كفاية أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يغزو تارة بنفسه وتارة يرسل غيره، ويكتفي ببعض المسلمين، وقد كانت سراياه وبعوثه متعاقبة والمسلمون بعضهم في الغزو وبعضهم في أهله، وإلى كونه فرض كفاية ذهب جمهور العلماء.

• متى يجب الجهاد:؟

يجب الجهاد في حالات:

[الحالة الأولى: إذا حضر الإنسان الصف.]

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ).

وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

وقد ذكر -صلى الله عليه وسلم- من السبع الموبقات: … التولي يوم الزحف.

قال ابن قدامة: إذا التقى الصفان حرم على من حضر الانصراف وتعين عليه المقام.

[الحالة الثانية: إذا استنفر الإمام.]

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ. إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

وقال -صلى الله عليه وسلم- (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا) متفق عليه.

قال الحافظ ابن حجر: وفيه وجوب تعيين الخروج في الغزو على من عينه الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>