للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• اذكر الدليل على جواز الوكالة في الحدود؟

تجوز الوكالة في الحدود: في إثباتها واستيفائها.

أ-لحديث أبي هريرة فِي قِصَّةِ اَلْعَسِيفِ. قَالَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى اِمْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اِعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا … ). اَلْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(فإن اعترفت) توكيل في الإثبات (فارجمها) توكيل في الاستيفاء.

ب- وأمر -صلى الله عليه وسلم- برجم ماعز فرجموه.

ج-ووكل عثمان علياً في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة.

د- ولأن الحاجة تدعو إليه، لأن الإمام لا يمكنه تولي ذلك بنفسه.

• هل للوكيل أن يُوكِّل فيما وُكل فيه؟

لا، ليس للوكيل أن يُوكِّل فيما وُكلَ فيه.

كأن أوكل شخصاً ليشتري لي سيارة، فيذهب هو ويوكل آخر، هذا لا يجوز.

أ- لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام) والتوكيل بغير إذن تعد على مال الغير.

ب- ولأن تصرف الوكيل مستفاد بالإذن، فوجب أن يقتصر في تصرفه على ما أُذِن فيه، فإذا وكّل غيره فمعناه أنه وكل غيره أن يتصرف في ملك الغير.

ج- وأيضاً: يقال: إن الموكِّل قد يرضى أن يتصرف في ملكه فلان، ولا يرضى أن يتصرف في ملكه فلان.

نعم يستثنى حالات:

الحالة الأولى: أن يأذن له، فيجوز.

مثال: أقول وكلتك أن تبيع سيارتي ولك أن توكل من شئت، أو من تثق به.

قال ابن قدامة: إذا أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ، فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ، فَكَانَ لَهُ فِعْلُهُ، كَالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ.

وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَيْنِ خِلَافًا.

الحالة الثانية: أن يكون العمل مما يرتفع الوكيل عن مثله، كالأعمال الدنيئة في حق أشراف الناس المرتفعين عن فعلها في العادة، فهنا يجوز التوكيل. (وهذا اختيار ابن القيم)

قال ابن قدامة: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِمَّا يَرْتَفِعُ الْوَكِيلُ عَنْ مِثْلِهِ، كَالْأَعْمَالِ الدَّنِيَّةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهَا فِي الْعَادَةِ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَعْمَلُهُ الْوَكِيلُ عَادَةً، انْصَرَفَ الْإِذْنُ إلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِاسْتِنَابَةِ فِيهِ.

الحالة الثالثة: إذا كان يعجز عن القيام بمثله عادة.

مثال: وكلت رجلاً أن يصعد بحجر كبير إلى السطح، لأنك تريد أن تبني به السطح، وهو رجل ضعيف لا يقوى على ذلك، فهل له أن يوكل من يحمل الحجر إلى فوق؟ الجواب نعم، لأن مثله يعجز عنه.

قال ابن قدامة: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ، إلَّا أَنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ؛ لِكَثْرَتِهِ وَانْتِشَارِهِ، فَيَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي عَمَلِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ، فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِي فِعْلِ جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ بِلَفْظِهِ.

فائدة: إذا نهاه، فلا يجوز له أن يوكل.

قال ابن قدامة: أَنْ يَنْهَى الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ عَنْ التَّوْكِيلِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِأَنَّ مَا نَهَاهُ عَنْهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي إذْنِهِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ لَمْ يُوَكِّلْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>