• وفي أي الأشواط يستحب؟
يستحب في الأشواط الثلاثة الأول، والمشي في الأربعة الباقية.
قال في المغني: وهو سنة في الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم، ولا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافاً، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رمل ثلاثاً ومشى أربعاً.
وذكر ابن قدامة في "المغني" (٥/ ٢٢١) استحباب الرمل والاضطباع في طواف العمرة وفي طواف القدوم ثم قال: وَلا يُسَنُّ الرَّمَلُ وَالاضْطِبَاعُ فِي طَوَافٍ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ; لأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابَهُ إنَّمَا رَمَلُوا وَاضْطَبَعُوا فِي ذَلِك.
وقال النووي: لَكِنْ يَفْتَرِقُ الرَّمَلُ وَالاضْطِبَاعُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الاضْطِبَاعَ مَسْنُونٌ فِي جَمِيعِ الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ، وَأَمَّا الرَّمَلُ إنَّمَا يُسَنُّ فِي الثَّلَاثِ الأُوَلِ وَيَمْشِي فِي الأَرْبَعِ الأَوَاخِرِ.
• ما الحكمة منه؟
إظهار القوة والجلد للمشركين.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ (لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا: إلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ) متفق عليه.
• فإن قيل: ما الحكمة في الرمل بعد زوال علته التي شرع من أجلها؟
الجواب: أن بقاء حكم الرمل مع زوال علته، لا ينافي أن لبقائه علة أخرى، وهي أن يتذكر به المسلمون نعمة الله عليهم حيث كثرهم وقواهم بعد القلة والضعف.
ومما يؤيده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمل في حجة الوداع بعد زوال العلة المذكورة.
• من أين يكون الرمل وإلى أين؟
الرمل يكون من الحجر إلى الحجر.
لحديث ابن عمر (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحجر إلى الحجر).
وهذا يقدم على حديث ابن عباس، لأن:
حديث ابن عباس كان في عمرة القضاء في ذي القعدة عام سبع، وأما حديث ابن عمر: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحجر إلى الحجر) كان في حجة الوداع، فيكون هذا ناسخاً للمشي بين الركنين الثابت في حديث ابن عباس، لأنه متأخر عنه.
قال النووي في شرح حديث ابن عمر (رمل من الحجَر إلى الحجر): فيه بيان أن الرَّمَل يُشرع في جميع المطاف من الْحَجَر إلى الْحَجَر، وأما حديث ابن عباس … قال: وأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يَرْمُلوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الرَّكنين، فمنسوخ بالحديث الأول؛ لأن حديث ابن عباس كان في عُمرة القضاء سنة سبع، قبل فتح مكة، وكان في المسلمين ضعف في أبدانهم، وإنما رَملوا إظهارا للقوة، واحتاجوا إلى ذلك في غير ما بين الرَّكُنين اليمانيين؛ لأن المشركين كانوا جلوساً في الْحِجْر، وكانوا لا يرونهم بين هذين الركنين، ويرونهم فيما سوى ذلك، فلما حج النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع سَنة عَشر رَمَل مِنْ الْحَجَر إلى الْحَجَر، فوجب الأخذ بهذا المتأخر.