من حلف على شيء وهو يغلب على ظنه أنه صادق، فبان بخلاف ما حلف عليه: فلا شيء عليه، وهذا داخل في لغو اليمين الذي عفا الله تعالى عنه، عند جمهور الأئمة: أبي حنيفة ومالك وأحمد.
قال ابن قدامة: أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِر.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: وفي المراد باللغو في الآية أقوال أشهرها عند العلماء اثنان:
الأول: أن اللغو ما يجري على لسان الإنسان من غير قصد، كقوله (لا والله) و (بلى والله).
وذهب إلى هذا القول الشافعي، وعائشة في إحدى الروايتين عنها، وروي عن ابن عمر، وابن عبّاس في أحد قوليه ....
القول الثاني: أن اللغو هو أن يحلف على ما يعتقده، فيظهر نفيه.
وهذا هو مذهب مالك بن أنس، وقال: إنه أحسن ما سمع في معنى اللغو، وهو مروي أيضاً عن عائشة، وأبي هريرة، وابن عباس في أحد قوليه.
والقولان متقاربان، واللغو يشملهما.
لأنه في الأول لم يقصد عقد اليمين أصلاً، وفي الثاني لم يقصد إلا الحقّ والصواب، واللغو في اللُّغة: هو الكلام بما لا خير فيه، ولا حاجة إليه، ومنه حديث:(إذا قلت لصاحبك، والإمام يخطب يوم الجمعة انصت، فقد لغوت أو لغيت).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: لغو اليمين هي اليمين التي لم يعقد عليها قلبه، ولم يقصدها بل جرت على لسانه من غير قصد، في عرض كلامه، لا والله، والله، في عرض الكلام، من غير قصد اليمين، والمراد من غير قصد عقدها، فهذه اليمين تكون لاغية، ومثلها لو أنه حلف على أمر يظنه، فبان غير مصيب، كأ ن يقول: والله لقد رأيت فلانًا ثم تبين أنه شبيه له، ليس هو فلانًا، هو يعتقد أنه مصيب فهذا من لغو اليمين.