للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ج- وَلِأَنَّ التَّغْرِيبَ فِي حَقِّ الْعَبْدِ عُقُوبَةٌ لِسَيِّدِهِ دُونَهُ، فَلَمْ يَجِبْ فِي الزِّنَى، كَالتَّغْرِيمِ، بَيَانُ ذَلِكَ، أَنَّ الْعَبْدَ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي تَغْرِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرِيبٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَيُتْرِفُهُ بِتَغْرِيبِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ، وَيَتَضَرَّرُ سَيِّدُهُ بِتَفْوِيتِ خِدْمَتِهِ، وَالْخَطَرِ بِخُرُوجِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، وَالْكُلْفَةِ فِي حِفْظِهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مَعَ بُعْدِهِ عَنْهُ، فَيَصِيرُ الْحَدُّ مَشْرُوعًا فِي حَقِّ غَيْرِ الزَّانِي، وَالضَّرَرُ عَلَى غَيْرِ الْجَانِي.

• من يقيم حد الجلد على الرقيق؟

يقيمه سيده.

لحديث الباب.

قال النووي: وَفِي الحديث: أَنَّ السَّيِّد يُقِيم الْحَدّ عَلَى عَبْده وَأَمَته، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب مَالِك وَأَحْمَد وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة -رضي الله عنه- فِي طَائِفَة: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا الْحَدِيث صَرِيح فِي الدَّلَالَة لِلْجُمْهُورِ.

قال ابن قدامة: وَلِلسَّيِّدِ إقَامَةُ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ عَلَى رَقِيقِهِ الْقِنِّ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

لِأَنَّ الْحُدُودَ إلَى السُّلْطَانِ.

وَلِأَنَّ مِنْ لَا يَمْلِكُ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى الْحُرِّ لَا يَمْلِكُهُ عَلَى الْعَبْدِ، كَالصَّبِيِّ.

وَلِأَنَّهُ حَدٌّ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَيُفَوَّضُ إلَى الْإِمَام.

ثم قال ابن قدامة: وَلَنَا ثم ذكر أحاديث الباب ثم قال:

وَلِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ تَأْدِيبَ أَمَتِهِ وَتَزْوِيجَهَا، فَمَلَكَ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهَا، كَالسُّلْطَانِ، وَفَارَقَ الصَّبِيَّ. (المغني).

• هل للسيد أن يقيم حد القتل والسرقة على عبده؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين والجمهور على عدم جواز ذلك.

قال ابن قدامة: فَأَمَّا الْقَتْلُ فِي الرِّدَّةِ، وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ، فَلَا يَمْلِكُهَا إلَّا الْإِمَامُ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

• ما حكم من زنى مراراَ؟

اتفق الفقهاء علي أن من زنا مرة وأقيم عليه الحد ثم زنا أخرى أنه يجب عليه حد آخر.

قال النووي: الزَّانِي إِذَا حُدَّ ثُمَّ زَنَى ثَانِيًا يَلْزَمهُ حَدٌّ آخَر، فَإِنْ زَنَى ثَالِثَة لَزِمَهُ حَدّ آخَر، فَإِنْ حُدَّ ثُمَّ زَنَى لَزِمَهُ حَدّ آخَر، وَهَكَذَا أَبَدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>