(الْجَرَادَ) هو بفتح الجيم وتخفيف الراء معروف، والواحدة جرادة، والذكر والأنثى سواء كالحمامة، ويقال: إنه مشتق من الجَرد لأنه لا ينزل على شيء إلا جرّده.
ويقال: جرّده من ثوبه عرّاه، وجرد الجلد: نزع عنه الشعر، وجرد الجراد الأرض: أكل ما عليه من النبات وأتى ما عليه فلم يبق منه شيئا، وجرد القحط الأرض أذهب نباتها، والسيف من غمده سله، والقطن حلجه، وجرد القوم: سألهم فمنعوه أو أعطوه كارهين، وجرد ما في المخزن أو الحانوت: أحصى ما فيه من البضائع.
(نَأْكُلُ اَلْجَرَادَ) وفي رواية البخاري (فكنّا نأكل معه الجراد) فَقَالَ فِي الفتح: يحتمل أن يريد بالمعية مجرد الغزو، دون ما تبعه منْ أكل الجراد. ويحتمل أن يريد مع أكله، ويدل عَلَى الثاني، أنه وقع فِي رواية أبي نعيم فِي الطب (ويأكل معنا).
قَالَ الحافظ: رحمه الله تعالى: وهذا إن صحّ، يرد عَلَى الصيمري، منْ الشافعية، فِي زعمه أنه -صلى الله عليه وسلم- عافه كما عاف الضب. ثم وقفت عَلَى مستند الصيمري، وهو ما أخرجه أبو داود، منْ حديث سلمان -رضي الله عنه-، سئل -صلى الله عليه وسلم- عن الجراد؟، فَقَال: لا آكله، ولا أحرمه، والصواب مرسل، ولابن عدي فِي ترجمة ثابت بن زهير، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الضب، فَقَالَ: لا آكله، ولا أحرمه، وسئل عن الجراد، فَقَالَ: مثل ذلك. وهذا ليس ثابتاً، لأن ثابتاً، قَالَ فيه النسائيّ: ليس بثقة.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد حل أكل الجراد، وهذا بالإجماع كما حكاه النووي وغيره.
وقال القرطبي: ولم يختلف العلماء في أكله على الجملة. (التفسير).
وجه الدلالة من حديث الباب: أن كون هذا الصحابي يأكل الجراد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه المدة المذكورة، دليل على حل الجراد، لأنه لو كان حراماً لبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكمه ولم يسكت عنه.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد). رواه أبو داود، وقد روي مرفوعاً وموقوفاً، والموقوف أصح وله حكم الرفع.