• ما حكم الصوم للمسافر؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: جائز.
قال ابن قدامة: وهذا قول أكثر العلماء.
وقال النووي: وهو قول جماهير العلماء وجميع أهل الفتوى لأحاديث الباب وغيرها كثيرة.
أ-لحديث أنس قال (كنا نسافر فلا يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم) متفق عليه.
ب- ولحديث أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، حَتَّى إنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. وَمَا فِينَا صَائِمٌ إلاَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ) متفق عليه.
ج - ولحديث عائشة قالت (سأل حمزة بن عمرو الأسلمي رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصيام في السفر، فقال: إن شئتَ فصُم، وإن شئت فأفطر) متفق عليه.
القول الثاني: أن صيام المسافر لا يصح ولا يجزئه.
قال ابن حجر: فقالت طائفة: لا يجزئ الصوم في السفر عن الفرض، بل من صام في السفر وجب عليه قضاؤه في الحضر، وهذا قول بعض أهل الظاهر ومنهم ابن حزم.
أ- لقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
قالوا: ظاهره أن عليه عدة، أي فالواجب عدة.
ب-واستدلوا بحديث الباب (فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ اَلنَّاسِ قَدْ صَامَ. قَالَ: "أُولَئِكَ اَلْعُصَاةُ، أُولَئِكَ اَلْعُصَاةُ).
ج- ولحديث جَابِر قَالَ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ. فَرَأَى زِحَاماً وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: صَائِمٌ. قَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ) متفق عليه.
قالوا: ومقابل البر الإثم، وإذا كان آثماً بصومه لم يجزئه.
والصحيح مذهب الجمهور وهو جواز الصوم للمسافر في نهار رمضان.
• ما الجواب عن أدلة الظاهرية؟
أولاً: بالنسبة للآية، يقال: بأن هذا الفهم غير صحيح، إذ أن الإفطار مضمر في الآية، وعليه إجماع أهل التفسير، وتقديره:
فمن كان منكم مريضاً أو على سفر (فأفطر) فعدة من أيام أخر. واستدلوا:
ب-وحديث أنس قال (كنا نسافر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم). متفق عليه
ثانياً: وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- (أُولَئِكَ اَلْعُصَاةُ، أُولَئِكَ اَلْعُصَاةُ).
بأن هذا الاستدلال واقع في غير محله، إذ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك في حق من شق عليه الصوم، ولا شك أن الإفطار مع المشقة الزائدة أفضل.
ثالثاً: وأما حديث جابر (ليس من البر الصيام في السفر) فالجواب عنه: أنه خرج على سبب، فيقتصر عليه، وعلى من كان في مثل حاله، وإلى هذا جنح البخاري حيث ترجم [باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن ظلل عليه واشتد الحر: ليس من البر الصوم في السفر].
قال ابن دقيق العيد: أخذ من هذا: أنه كراهة الصوم في السفر لمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من القربات ويكون قوله (ليس من البر الصيام في السفر) منزلاً على مثل هذه الحالة.