١٥٢٧ - وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ اَللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
===
(لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) أي: لا يعتدي أحد على أحد.
(وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) الافتخار: هو المباهاة بالمناقب كالمال والولد والقوة.
[عرف التواضع؟]
هو ضد الكبر.
قال الإمام الجنيد رحمه الله: التواضع هو خفض الجناح ولين الجانب.
وسئل الحسن البصري رحمه الله عن التواضع، فقال: التواضع: أن تخرج من منزلك ولا تلقى مسلماً إلا رأيت له عليك فضلاً.
وسئل الفضيل بن عياض عن التواضع فقال: يخضع للحق، وينقاد له، ويقبله ممن قاله، ولو سمعه من صبي قبله، ولو سمعه من أجهل الناس قبله.
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد الحث على التواضع.
[اذكر فضائل التواضع؟]
أولاً: سبب للرفعة.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (من تواضع لله رفعه) رواه مسلم.
ثانياً: من صفات عباد الرحمن.
قال تعالى (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا).
قال ابن كثير: هذه صفات عباد الله المؤمنين (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا) أي: بسكينة ووقار من غير جَبَرية ولا استكبار، كما قال (وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا). فأما هؤلاء فإنهم يمشون من غير استكبار ولا مرح، ولا أشر ولا بطر.
قال السعدي: فوصفهم بأنهم (يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا) أي: ساكنين متواضعين لله والخلق فهذا وصف لهم بالوقار والسكينة والتواضع لله ولعباده.
ثالثاً: يورث المحبة.
قيل: التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة.
قال ابن حبان: … والتواضع يكسب السلامة، ويورث الألفة، ويرفع الحقد، ويذهب الصد، وثمرة التواضع المحبة، كما أن ثمرة القناعة الراحة، وإن تواضع الشريف يزيد في شرفه، كما أن تكبر الوضيع يزيد في ضعته.