وقال البغوي: المراد من المقاتلة الدفع بالعنف لا القتل، فإنه يروى في حديث أبي سعيد (وليدرءه ما استطاع).
وقال الباجي: ويعدل عن ظاهر المقاتلة بالإجماع على أنه لا يجوز المقاتلة التي تفسد صلاته.
• ما حكم دفع المار بين يدي المصلي وبين سترته؟
اختلف العلماء في حكم دفع المار على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه مستحب لا واجب.
وهذا مذهب جمهور العلماء.
قال النووي: الأمر بالدفع أمر ندب متأكد، ولا أعلم أحداً من العلماء أوجبه، بل صرح أصحابنا وغيرهم بأنه مندوب غير واجب.
القول الثاني: أنه واجب.
وهو قول أهل الظاهر ورجحه الشوكاني.
قال الحافظ ابن حجر بعد أن نقل كلام النووي السابق: وقد صرح بوجوبه أهل الظاهر.
قال ابن حزم: ودفع المار بين يدي المصلي وسترته ومقاتلته - إن أبى - حق واجب على المصلي لظاهر الحديث، فإنه أمر والأمر يقتضي الوجوب.
وقال الشوكاني: وظاهر الحديث مع من أوجب الدفع.
القول الثالث: التفريق بين ما يقطع الصلاة وبين ما لا يقطعها.
ورجحه الشيخ ابن عثيمين.
والراجح القول بالوجوب.
• ما لحكمة من دفع المار؟
قال الصنعاني: وقد اختلف في الحكمة المقتضية للأمر بالدفع، فقيل: لدفع الإثم عن المار، وقيل: لدفع الخلل الواقع بالمرور في الصلاة، لأن عناية المصلي بصيانة صلاته أهم من دفعه الإثم عن غيره.
قال الحافظ ابن حجر: وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود (أن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته) وروى أبو نعيم عن عمر (لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس). فهذان الأثران مقتضاهما أن الدفع لخلل يتعلق بصلاة المصلي، ولا يختص بالمار، وهما وإن كانا موقوفين لفظاً فحكمهما حكم الرفع، لأن مثلهما لا يقال بالرأي.