٥٨٠ - وَعَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ الْأَسْلَمِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (كنت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا) رَوَاهُ مُسْلِم.
زَادَ اَلتِّرْمِذِيُّ: (فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ).
٥٨١ - زَادَ ابْنُ مَاجَه مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ (وَتُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا).
===
• ما حكم زيارة القبور للرجال؟
مستحبة.
وهذا مذهب جماهير العلماء، بل نقل بعضهم الإجماع كالنووي.
قال النووي رحمه الله: اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يستحب للرجال زيارة القبور، وهو قول العلماء كافة; نقل العبدري فيه إجماع المسلمين، ودليله مع الإجماع الأحاديث الصحيحة المشهورة، وكانت زيارتها منهيا عنها أولاً ثم نسخ. (المجموع).
وقال ابن عبد البر رحمه الله: في هذا الحديث من الفقه: إباحة الخروج إلى المقابر وزيارة القبور وهذا أمر مجتمع عليه للرجال، ومختلف فيه للنساء وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا فإنها تذكر الآخرة). (التمهيد).
أ-لحديث الباب.
ب-ولحديث أبي هريرة قال (زار النبي -صلى الله عليه وسلم- قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله فقال: استأذنت في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت) رواه مسلم.
فهذا دليل على استحباب زيارة القبور من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن أمره.
وهناك خلاف لبعض السلف، فكره زيارة القبور ابن سيرين، والنخعي، والشعبي.
وقيل: مستحبة وهي فرض ولو مرة - يعني في العمر - وهذا قول ابن حزم.
• ما سبب النهي عن الزيارة في أول الأمر؟
قال النووي: وكان النهي أولاً لقرب عهدهم من الجاهلية، فربما كانا يتكلمون بكلام الجاهلية الباطل، فلما استقرت قواعد الإسلام، وتمهدت أحكامه، واشتهرت معالمه، أبيح لهم الزيارة، واحتاط -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ولا تقولوا هجراً.
وقال ابن القيم: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نهى الرجال عن زيارة القبور سدا للذريعة، فلما تمكن التوحيد في قلوبهم أذن لهم في زيارتها على الوجه الذي شرعه، ونهاهم أن يقولوا هجراً، فمن زارها على غير الوجه المشروع الذي يحبه الله ورسوله فإن زيارته غير مأذون فيها، ومن أعظم الهجر: الشرك عندها قولاً وفعلاً.
• اذكر صفة الزيارة الشرعية:
قال ابن القيم: زيارة الموحدين: فمقصودها ثلاثة أشياء:
أحدها: تذكر الآخرة والاعتبار والاتعاظ وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بقوله: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة
الثاني: الإحسان إلى الميت وأن لا يطول عهده به فيهجره ويتناساه، كما إذا ترك زيارة الحي مدة طويلة تناساه فإذا زار الحي فرح بزيارته وسر بذلك فالميت أولى، لأنه قد صار في دار قد هجر أهلها إخوانهم وأهلهم ومعارفهم، فإذا زاره وأهدى إليه هدية: من دعاء أو صدقة أو أهدى قربة ازداد بذلك سروره وفرحه كما يسر الحي بمن يزوره ويهدي له، ولهذا شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- للزائرين أن يدعوا لأهل القبور بالمغفرة والرحمة وسؤال العافية فقط، ولم يشرع أن يدعوهم ولا أن يدعوا بهم ولا يصلي عندهم
الثالث: إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة والوقوف عند ما شرعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيحسن إلى نفسه وإلى المزور.