للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ: ومعناه أنها إن وضعت قبل مضي أربعة أشهر وعشر، تربصت إلى انقضائها ولا تحل بمجرد الوضع، وإن انقضت المدة قبل الوضع تربصت إلى الوضع.

وهذا قول علي وابن عباس.

وقد قيل أن ابن عباس رجع عن هذا القول، ويقويه أن المنقول عن أتباعه وفاق الجماعة في ذلك.

• متى يجوز لها أن تنكح؟

ذهب جمهور العلماء إلى أنه يجوز لها أن تنكح ولو لم تطهر من دم النفاس.

لدلالة ألفاظ الحديث عليه.

ففي رواية: (فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي).

وهو ظاهر القرآن في قوله تعالى (يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ) فعلق الحل بحين الوضع وقصره عليه، ولم يقل إذا طهرت، ولا إذا انقطع دمك.

لكن لا يطؤها زوجها حتى تطهر من نفاسها وتغتسل.

قَالَ اَلزُّهْرِيُّ: وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَزَوَّجَ وَهِيَ فِي دَمِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حتَّى تَطْهُرَ.

وذهب بعض العلماء إلى أنها لا تنكح حتى تطهر، لقوله في الحديث: (فلما تعلت من نفاسها) ومعناه: طهرت.

والراجح قول الجمهور.

وأما الجواب عن فعلها: (فلما تعلت من نفاسها):

قال النووي: هذا إخبار عن وقت سؤالها، ولا حجة فيه، وإنما الحجة في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنها حلت حين وضعت، ولم يعلل بالطهر من النفاس.

وقال القرطبي: وقول ابن شهاب: فلا باس أن تتزوَّج حين وضعت، وإن كانت في دمها، غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر؛ هذا مذهب الجمهور.

وقد شذَّ الحسن، والشعبي، والنخعي، وحماد فقالوا: لا تنكح ما دامت في دم نفاسها. والحديث حجَّة عليهم، ولا حجَّة لهم في قوله في (فلمَّا تعلّت من نفاسها تجملت للخطَّاب) لأن (تعلَّتْ) وإن كان أصله: طهرت من دم نفاسها، على ما حكاه الخليل، فيحتمل أن يكون المراد به ها هنا: تعلت من آلام نفاسها؛ أي: استقلَّت من أوجاعها وتغييراته. ولو سلِّم أن معناه ما قاله الخليل، فلا حجة فيه، وإنما الحجة في قوله -صلى الله عليه وسلم- لسبيعة (قد حللت حين وضعت)، فأوقع الحِلَّ في حين الوضع، وعلَّقه عليه، ولم يقل: إذا انقطع دمُكِ. ولا: إذا طَهُرْتِ: فصحَّ ما قاله الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>