للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣١٧ - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ اَلصَّلَاةِ: " اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ اَلْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ اَلْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ اَلْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ اَلدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.

===

(اَلْبُخْلِ) منع الواجب.

(اَلْجُبْنِ) ضعف في القلب يمنع الإقدام في المواضع الشريفة، كالجهاد، والنطق بكلمة الحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

• على ماذا يدل حديث الباب؟

الحديث يدل على استحباب قول هذا الدعاء دبر الصلاة.

• ما المراد بالدبر هنا، هل هو آخر التشهد، أو ما بعد السلام؟

يحتمل أن يكون بالدبر آخر الصلاة، ويحتمل ما بعد السلام. وقد ذكر بعض العلماء قاعدة: إذا كان المقام مقام دعاء كان الدبر قبل السلام.

لحديث (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه).

ولحديث فضالة بن عبد، فهو داخل الصلاة.

وما كان ذكر فهو ما بعد السلام.

لقوله تعالى (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً).

إلا إذا ورد ما يحدد المراد فإنه يعمل به.

ففي حديث الباب المراد ما قبل السلام لأمور:

أولاً: لأن الأصل في أن دبر الشيء آخره منه (ما اتصل به).

ثانياً: ولأن آخر التشهد موطن دعاء وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه).

ثالثاً: ولأن المصلي في صلاته مقبل على ربه، يناجيه ويتضرع إليه.

وذهب بعض العلماء إلى أن كل حديث فيه (دبر الصلاة) فالمراد بعد السلام.

قالوا: لأن الشرع اصطلح على ذلك، ويدل لذلك عدة أحاديث.

منها: حديث المغيرة السابق (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةِ مَكْتُوبَةٍ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ .... ) والمراد بالدبر هنا بعد السلام لرواية مسلم.

ومنها: حديث أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ سَبَّحَ اَللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اَللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اَللَّهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ اَلْمِائَةِ … ) والمراد بالدبر هنا ما بعد السلام بالاتفاق.

ومنها: حديث أَبِى الزُّبَيْرِ قَالَ (كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ «لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ، … وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاة) رواه مسلم.

ومنها: حديث كعب بن عجرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (معقبات لا يخيب قائلهن: دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: ثَلاثٌ وَثَلاثونَ تَسْبِيحَةً. وَثَلاثٌ وثَلَاثونَ تَحْمِيدَةً، وَأرْبَعٌ وَثَلَاثونَ تَكْبِيرَةً … ) رواه مسلم.

ومنها: حديث عقبة بن عامر. قال (أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة).

فهذه خمس أحاديث أطلق الشارع على دبر الصلاة ما بعد السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>