قال في الفتح: ودخل فِي قوله (أدناهم) كلّ وضيع بالنصّ، وكلّ شريف بالفحوى، فدخل فِي أدناهم المرأة، والعبد، والصبيّ، والمجنون.
(وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) (وَهُمْ يَدٌ) أي قوّة (عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) أي هم مجتمعون عَلَى أعدائهم، لا يسعهم التخاذل، بل يُعاون بعضهم بعضًا عَلَى جميع الأديان والملل، كأنه جعل أيديهم يدًا واحدةً، وفعلَهم فعلاً واحدًا. قاله فِي (النهاية).
وَقَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: (وهم يد) أي: اللائق بحالهم أن يكونوا كيد واحدة فِي التعاون، والتعاضد عَلَى الأعداء، فكما أن اليد الواحدة لا يمكن أن يميل بعضها إلى جانب، وبعضها إلى آخر، فكذلك اللائق بشأن المؤمنين.
(وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ) أي: إذا قتل مؤمن كافرًا فلا قصاص عليه.
(وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ) الباء بمعنى "فِي"، كما بُيّن فِي الرواية التالية، أي لا يُقتل صاحب العهد منْ الكفرة، كالذميّ، والمستأمن فِي وقت عهده.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: أنه لا يقتل مسلم بكافر، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا يجب القصاص على مسلم بقتل كافر [أي كافر كان].
وهذا مذهب أكثر العلماء.
لأحاديث الباب (وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ).
(وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِر).
القول الثاني: يقتل المسلم بالذمي خاصة.
وهذا مذهب أبي حنيفة.
أ-واستدلوا بالعمومات (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ).
ب- وبحديث (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقاد مسلماً بذمي، وقال (أنا أحق من وفى بذمته) وهو حديث ضعيف لا يصح.
قال الحافظ في الفتح: قوله: (باب لا يقتل المسلم بالكافر) عقب هذه الترجمة بالتي قبلها للإشارة إلى أنه لا يلزم من الوعيد الشديد على قتل الذمي أن يقتص من المسلم إذا قتله عمدا، وللإشارة إلى أن المسلم إذا كان لا يقتل بالكافر فليس له قتل كل كافر، بل يحرم عليه قتل الذمي والمعاهد بغير استحقاق.
- فائدة: لا خلاف بين أهل العلم أن الكافر يقتل بالمسلم، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل اليهودي الذي رض رأس الجارية.