للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه: لَا تُقْطَع إِلَّا فِي عَشَرَة دَرَاهِم أَوْ مَا قِيمَته ذَلِكَ.

وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْض الصَّحَابَة أَنَّ النِّصَاب أَرْبَعَة دَرَاهِم.

وَعَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ أَنَّهُ دِرْهَم.

وَعَنْ الْحَسَن أَنَّهُ دِرْهَمَانِ.

وَعَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَة دَنَانِير.

ثم قال: وَالصَّحِيح مَا قَالَهُ الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ.

لِأَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- صَرَّحَ بِبَيَانِ النِّصَاب فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث مِنْ لَفْظه وَأَنَّهُ رُبْع دِينَار، وَأَمَّا بَاقِي التَّقْدِيرَات فَمَرْدُودَة لَا أَصْل لَهَا مَعَ مُخَالَفَتهَا لِصَرِيحِ هَذِهِ الْأَحَادِيث.

وَأَمَّا رِوَايَة أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- (قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنّ قِيمَته ثَلَاثَة دَرَاهِم) فَمَحْمُولَة عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَدْر كَانَ رُبْع دِينَار فَصَاعِدًا، وَهِيَ قَضِيَّة عَيْن لَا عُمُوم لَهَا، فَلَا يَجُوز تَرْك صَرِيح لَفْظه -صلى الله عليه وسلم- فِي تَحْدِيد النِّصَاب لِهَذِهِ الرِّوَايَة الْمُحْتَمَلَة، بَلْ يَجِب حَمْلهَا عَلَى مُوَافَقَة لَفْظه، وَكَذَا الرِّوَايَة الْأُخْرَى: (لَمْ يَقْطَع يَد السَّارِق فِي أَقَلّ مِنْ ثَمَن الْمِجَنّ) مَحْمُولَة عَلَى أَنَّهُ كَانَ رُبْع دِينَار، وَلَا بُدّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيل لِيُوَافِق صَرِيح تَقْدِيره -صلى الله عليه وسلم-. (نووي).

• ما الشرط الثاني من شروط قطع يد السارق؟

الشرط الثاني: أن يكون هناك عملية سرقة.

قال ابن قدامة: وَمَعْنَى السَّرِقَةِ: أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الْخِفْيَةِ وَالِاسْتِتَارِ.

وَمِنْهُ اسْتِرَاقُ السَّمْعِ، وَمُسَارَقَةُ النَّظَرِ، إذَا كَانَ يَسْتَخْفِي بِذَلِكَ، فَإِنْ اخْتَطَفَ أَوْ اخْتَلَسَ، لَمْ يَكُنْ سَارِقًا، وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ عَلِمْنَاهُ غَيْرَ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: أَقْطَعُ الْمُخْتَلِسَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَخْفِي بِأَخْذِهِ، فَيَكُونُ سَارِقًا، وَأَهْلُ الْفِقْهِ وَالْفَتْوَى مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ (لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ وَلَا الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ).

وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَيْسَ عَلَى الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ) رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْهُمَا ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ.

وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ السَّارِقِ، وَهَذَا غَيْرُ سَارِقٍ؛ وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاسَ نَوْعٌ مِنْ الْخَطْفِ وَالنَّهْبِ، وَإِنَّمَا يَسْتَخْفِي فِي ابْتِدَاءِ اخْتِلَاسِهِ، بِخِلَافِ السَّارِقِ. (المغني).

<<  <  ج: ص:  >  >>