للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٦٢ - وَعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ (كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

===

[ماذا نستفيد من الحديث؟]

نستفيد فضل الدعاء بهذا الكلمات العظيمة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة.

وقد قال تعالى ( … فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ

وقد اختلف في المراد بحسنة الدنيا:

والصواب أنها تشمل كل خير الدنيا من التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح، ومن المتاع الحسن في هذه الحياة، من صحة في البدن، وفسحة في السكن، وسعة في الرزق.

والحسنة في الآخرة: الجنة وما فيها من ألوان وأنواع النعيم، وأعلاها النظر إلى وجه الله الكريم.

- وهذا الدعاء من أعظم الأدعية وأجمعها وأكملها.

- قال ابن كثير: جمعت هذه الدعوةُ كلَّ خير في الدنيا، وصرَفت كلّ شر فإن الحسنة في الدنيا تشملُ كلّ مطلوب دنيوي، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنيء، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا. وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العَرَصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا، من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام.

ما معنى قوله (وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ)؟

أي: اجعل لنا وقاية من عذاب النار، ولك بحفظنا من الذنوب الموجبة لها، وحفظنا أيضاً من دخولها.

- ومن صفات عباد الله الخوف منها.

كما قال تعالى (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً).

وقال -صلى الله عليه وسلم- (اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم) رواه مسلم.

وقال -صلى الله عليه وسلم- (من استعاذ بالله من النار ثلاثاً، قالت النار: اللهم أعذه من النار) رواه الترمذي.

[فإن قيل: لم زاد في الدعاء (وقنا عذاب النار)؟]

الجواب: إنما زاد في الدعاء (وقنا عذاب النار) لأن حصول الحسنة في الآخرة قد يكون بعد عذاب ما فأريد التصريح في الدعاء بطلب الوقاية من النار. (تفسير ابن عاشور)

<<  <  ج: ص:  >  >>