للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (الْخَوَارِجُ كِلَابُ النَّارِ) رواه ابن ماجه.

ورواه الترمذي (من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-. وصححه الألباني.

وأما معنى هذا الحديث، فيحتمل أن يكون على ظاهره، وأن الخوارج يكونون في النار على صورة الكلاب، ويحتمل أنهم يكونون في النار، على بعض صفات الكلاب، أو وجوه الشبه بهم.

قال القاري رحمه الله: أَيْ هُمْ كِلَابُ أَهْلِهَا، أَوْ عَلَى صُورَةِ كِلَابٍ فِيهَا.

وقال المناوي رحمه الله: أي أنهم يتعاوون فيها عواء الكلاب، أو أنهم أخس أهلها، وأحقرهم، كما أن الكلاب أخس الحيوانات وأحقرها. (فيض القدير).

والحكمة من عقابهم بهذا العقاب: أنهم كانوا في الدنيا كلاباً على المسلمين، فيكفرونهم ويعتدون عليهم ويقتلونهم، فعوقبوا من جنس أعمالهم، فصاروا كلابا في الآخرة.

• كيف يعرف الخارجي؟

وحتَّى يصح إطلاق لفظ "خارجي" على أحد فلا بدَّ أن يكون موافقاً لهم في أصل من أصولهم، ومن أبرزها:

أولاً: الخلل في مسألة الإيمان وعلاقة العمل به.

فهم يرون أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص! ويرون أن آحاد الأعمال الواجبة هو ترك للإيمان كله! لذا حكموا على تارك الواجب بالكفر المخرج من الملة، ومنه انطلقوا إلى القول بكفر فاعل الكبيرة كفراً مخرجاً من الملة وإذا لقي الله بها من غير توبة أو حدٍّ فهو مخلَّد في نار جهنم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " ثم إذا ترك واجباً أو فعل محرَّماً قالوا بنفوذ الوعيد فيه، فيوجبون تخليد فسَّاق أهل الملة في النار، وهذا قول جمهور المعتزلة والخوارج، ولكن الخوارج يكفرون بالذنب الكبير - أو الصغير عند بعضهم - وأما المعتزلة فيقولون: هو في منزلة بين منزلتين لا مؤمن ولا كافر. " انتهى من " مجموع الفتاوى " (١٩/ ١٥١)

ثانياً: أنهم يرون السيف على مخالفيهم، فيرفعونه على أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وفي الصحيحين في حديث أبي سعيد (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ؛ لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلُهُمْ قَتْلَ عَادٍ) وهذا نعت سائر الخارجين كالرافضة ونحوهم؛ فإنهم يستحلون دماء أهل القبلة لاعتقادهم أنهم مرتدون، أكثر مما يستحلون من دماء الكفار الذين ليسوا مرتدين؛ لأن المرتد شر من غيره " انتهى من "

ثالثاً: أنهم يبالغون في التكفير انطلاقاً من اتباع المتشابه في الأدلة الشرعية.

وقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه باباً بعنوان: " بَاب قَتْلِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ وَقَالَ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ". انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>