ثالثاً: وَعَنْ شِرَاءِ اَلْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ.
فلا يجوز بيع العبد الآبق، وهو الهارب من سيده.
لعدم القدرة على تسليمه.
قال ابن قدامة: وَجُمْلَتُهُ؛ أَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ الْآبِقِ لَا يَصِحُّ، سَوَاءٌ عَلِمَ مَكَانَهُ، أَوْ جَهِلَهُ، وَكَذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْجَمَلِ الشَّارِدِ، وَالْفَرَسِ الْعَائِرِ، وَشِبْهِهِمَا.
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ بَعْضِ وَلَدِهِ بَعِيرًا شَارِدًا.
وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْآبِقِ، إذَا كَانَ عِلْمُهُمَا فِيهِ وَاحِدًا.
وَعَنْ شُرَيْحٍ مِثْلُهُ.
أ-وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَهَذَا بَيْعُ غَرَرٍ.
ب-وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، فَإِنْ حَصَلَ فِي يَدِ إنْسَانٍ، جَازَ بَيْعُهُ؛ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِهِ.
رابعاً: وَعَنْ شِرَاءِ اَلْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ.
المغانم: جمع مغنم، والغنائم جمع غنيمة، وهي ما أصيب من أموال الكفار.
فلا يجوز أن يبيع المغانم قبل قسمتها من القسمة، لأن نصيب الغانم مجهول المقدار، ثم إنه باع ما لا يملك.
قال ابن القيم: والنهي عن شراء المغانم حتى تقسم داخل في النهي عن بيع ما ليس عنده، فهو بيع غرر ومخاطرة
وقال الشوكاني: قوله (وشراء المغانم) مقتضى النهي عدم صحة بيعها قبل القسمة، لأنه لا ملك لأحد من الغانمين قبلها، فيكون ذلك من أكل أموال الناس بالباطل.
• اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز أخذ شيء من الغنيمة على وجه التملك قبل القسمة، وأن ذلك غلول ومحرّم.
واتفقوا أيضاً على أن بيع شيء من الغنيمة قبل القسمة محرّم، لعدم تمكن الملك قبل القسمة، وأن البيع إذا وقع لا يصح، لعدم القدرة على التسليم.
وحكم البيع إذا وقع: يكون باطلاً على قول جمهور العلماء.
خامساً: وَعَنْ شِرَاءِ اَلصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ.
مثاله: رجل فقير يعطيه الناس من صدقاتهم، فجاءه شخص فقال بعني ما يأتيك من صدقة. (كغنم أو بقرة).
فهذا منهي عنه
للجهالة، ولأنه بيع ما لا يملك.
سادساً: وَعَنْ ضَرْبَةِ اَلْغَائِصِ.
قال ابن الأثير: فيه أنه نهى عن ضربة الغائص، وهو أن يقول: أغوص في البحر غوصة بكذا فما أخرجته فهو لك، وإنما نهي عنه لأنه غرر.