٨٠٥ - وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (اِبْتَعْتُ زَيْتاً فِي اَلسُّوقِ، فَلَمَّا اِسْتَوْجَبْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحاً حَسَناً، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِ اَلرَّجُلِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: لَا تَبِعْهُ حَيْثُ اِبْتَعْتَهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ; فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى أَنْ تُبَاعَ اَلسِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا اَلتُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
===
(اِبْتَعْتُ زَيْتاً فِي اَلسُّوقِ) أي: اشتريت.
(فَلَمَّا اِسْتَوْجَبْتُهُ) أي: استحققته.
(فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِ اَلرَّجُلِ) أي: أعقد معه البيع، لأن من عادة المتبايعين أن يضرب أحدهما يده في يد الآخر عند عقد البيع.
(لَا تَبِعْهُ حَيْثُ اِبْتَعْتَهُ) أي: حيث اشتريته.
(حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ) أي: تحرزه وتضمه إليك بنقله إلى مكانك والتصرف فيه.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: أنه لا يجوز بيع الشيء قبل قبضه وقبل نقله إلى رحله.
وهذ في كل شيء، عام في كل شيء، فلا يجوز بيع شيء حتى يحوزه إلى رحله.
فالحديث دليل على أنه لا يصح من المشتري أن يبيع ما اشتراه قبل أن يحوزه إلى رحله.
وقد تقدم وجه النهي عن بيع السلعة قبل قبضها.
والظاهر أن المراد به القبض، لكنه عبر عنه بما ذكر لما كان غالب قبض المشتري الحيازة إلى المكان الذي يختص به.
وأما نقله من مكان إلى مكان لا يختص به فعند الجمهور أن ذلك قبض.
• كيفية القبض:
إن كان مما يتناول باليد كالدراهم والثوب فقبضه نقل.
وما ينقل في العادة كالأخشاب والحبوب والحيوان فقبضه بالنقل إلى مكان آخر.
وما كان لا ينقل كالعقار والثمر على الشجر فقبضه بالتخلية.
ومما يدل على العموم - على أن السلع - أياً كانت - لا يجوز بيعها قبل حيازتها - حديث حكيم بن حزام عند البيهقي بسند جيد؛ قلت: يا رسول الله إني أبتاع هذه البيوع، فما يحل لي منها وما يحرم؟ قال: يا ابن أخي لا تبع شيئاً حتى تقبضه.
ومما يدل على أن الحكم عام في الطعام وغيره: حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين وغيرهما، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)، قال ابن عباس (ولا أحسب كل شيء إلا مثله).
وقد حكى الخطابي في (معالم السنن)، وابن المنذر - كما عزاه إليه ابن القيم في (تهذيب السنن) - الإجماع على عدم جواز بيع الطعام قبل قبضه.
أما غير الطعام، فقد حكى الخطابي وكذا ابن القيم للعلماء فيه أربعة أقوال.
رجح ابن القيم منها: القول بتعميم حكم المنع في الطعام وغيره.