٩٥٩ - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه- قَالَ (قُلْتُ: - يَا رَسُولَ اَللَّهِ! أَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا اِبْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: " لَا " قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: " لَا " قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ؟ قَالَ: " اَلثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ اَلنَّاسَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(سعْدِ بْنِ أبي وَقَّاص) أحد العشرة المبشرين بالجنة، مات بالعقيق سنة (٥٥) هـ.
الحديث ذكره المصنف - رحمه الله - مختصراً ولفظة كاملاً:
عن سعد قَالَ (عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَني مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِيي وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ «لَا». قَالَ قُلْتُ أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ «لَا الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةُ تَجْعَلُهَا فِي امْرَأَتِكَ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يُنْفَعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ». قَالَ رَثَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أَنْ تُوُفِّىَ بِمَكَّة) متفق عليه.
(يَا رَسُولَ اَللَّهِ! أَنَا ذُو مَالٍ) وفي الحديث (جاءني رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعُودُنِي) أي: يزوروني، وفي رواية للبخاري (من وجع أشفيتُ منه على الموت) أي: قاربت الموت من أجل شدته.
(عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ) وفي الرواية الأخرى (وأنا بمكة) وحجة الوداع كانت في العام العاشر للهجرة، وسميت بذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ودع الناس فيها، قال في الفتح: واتفق أصحاب الزهري على أن ذلك في حجة الوداع إلا ابن عيينة فقال (في فتح مكة) أخرجه الترمذي وغيره من طريقه، واتفق الحفاظ على أنه وهِم فيه.
(وَأَنَا ذُو مالٍ) أي عندي مال كثير.
(وَلا يَرِثُني إلا ابْنَةٌ لي) أي ليس لي وارث إلا هذه البنت، قال النووي: معناه لا يرثني من الولد أو من خواص الورثة، أو من النساء، وإلا فقد كان لسعد عصبات، لأنه من بني زهرة وكانوا كثيراً.
(أفأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي) أي اثنين من ثلاثة، والمراد الوصية، ففي الرواية الأخرى (أوصي بمالي كله).
(قَالَ: لا) أي: لا ينبغي لك أن تتصدق بثلثي مالك.
(قُلْتُ: فالشَّطْرُ) أي: في النصف.
(قُلْتُ: فالثُّلُثُ يَا رَسُولَ اللهِ؟) أي: أتصدق بالثلث.
(قال: الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثيرٌ) وفي رواية عند البخاري (قال: الثلث يا سعد، والثلث كثير).
(إنَّكَ إنْ تَذَرْ) أي: تترك.
(عَالَةً) أي: فقراء.
(يتكفَّفُونَ النَّاسَ) أي يسألون الناس بأكفِهم، قال القرطبي (يتكففون الناس) يسألون الصدقة من أكف الناس، أو يسألونهم بأكفهم.