وقد جرى الاستدلال بهذا الحديث على جواز التختم بالحديد جمعٌ من أهل العلم كالبخاري – كما تقدم – وابن عبد البر في الاستذكار، والنووي في المجموع، وابن رجب في أحكام الخواتم وجماعة.
وأصحاب هذا القول ضعفوا أحاديث التحريم.
قال ابن عبد البر: وعن عمر بن الخطاب أنه قال في خاتم الذهب وخاتم الحديد " جمرة من نار " أو قال: " حلية أهل النار "، وقد روي مثل هذا مرفوعاً، ولا يتصل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن عمر، وليس بثابت، والأصل: أن الأشياء على الإباحة حتى يثبت النهي، وهذا في كل شيء، إلا أن النهي عن التختم بالذهب صحيح، ولا يختلف في صحته. (التمهيد).
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: ولا حرج في لبس الحديد من الساعة والخاتم لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين أنه قال للخاطب (التمس ولو خاتماً من حديد) أما ما يروى عنه -صلى الله عليه وسلم- في التنفير من ذلك: فشاذ، مخالف لهذا الحديث الصحيح. (فتاوى إسلامية).
وقال ابن رجب في رسالته أحكام الخواتم: (والصحيح عدم التحريم، فإن الأحاديث فيه لا تخلو عن مقال، وقد عارضها ما هو أثبت منها).
وقال النووي في شرحه على مسلم – في شرح حديث الواهبة نفسها - (وفي هذا الحديث جوازُ اتخاذ خاتم الحديد، وفيه خلاف للسلف حكاه القاضي، ولأصحابنا في كراهته وجهان: أصحهما: لا يُكره لأن الحديث في النهي عنه ضعيف).
• هل يجوز أن يعرض الرجل موليته على الرجل الصالح؟
نعم يجوز.
ومما يدل على ذلك:
أ-عن ثابت البناني قال: (كنت عند أنس وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعرض عليه نفسها قالت: يا رسول الله، ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقلّ حياءها، واسوأتاه، قال: هي خير منك، رغبت في النبي -صلى الله عليه وسلم- فعرضت عليه نفسها) رواه البخاري.
ب-وقال تعالى عن الشيخ الصالح لموسى (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَج).
قال القرطبي: فيه عرض الولي ابنته على الرجل، وهذه سنة قائمة، عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر، وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ج-وعن ابن عمر: (أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من حنيس بن حذافة، وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتوفي في المدينة، فقال عمر: أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في أمري … قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة … ).
قال الحافظ: وفيه عرض الإنسان بنته وغيرها من مولياته على من يعتقد خيره وصلاحه، لما فيه من النفع العائد على المعروضة عليه، وأنه لا استحياء في ذلك، وفيه أنه لا بأس بعرضها عليه ولو كان متزوجاً، لأن أبا بكر كان حينئذٍ متزوجاً).